الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      الأصل في {مهما} عند الخليل: (ما ما) ؛ أدخلت (ما) على (ما)، كما تدخل على سائر حروف الجزاء، وغيرت ألفها بأن قلبت هاء، فـ (ما) الأولى للجزاء، [ ص: 85 ] والثانية للتوكيد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن (مه) بمعنى: (اكفف)، و (ما): للشرط والجزاء، فكأنهم قالوا: اكفف، ما تأتنا به من آية لتسحرنا بها؛ فما نحن لك بمؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      فأرسلنا عليهم الطوفان : واحد {الطوفان} عند الأخفش : (طوفانة)، غيره: هو مصدر؛ كـ (الرجحان) و (النقصان).

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : أرسل عليهم الماء حتى قاموا فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد ، وعطاء : {الطوفان}: الموت.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : أمر طاف بهم من الله تعالى، وعنه أيضا: أنه الغرق.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك : مطر عظيم.

                                                                                                                                                                                                                                      {والجراد}: معروف، أرسل عليهم، فأكل زروعهم وثمارهم.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : كان يأكل مسامير أرتجتهم وثيابهم.

                                                                                                                                                                                                                                      {والقمل} في قول ابن عباس ، وغيره: السوس الذي يخرج من الحنطة.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : الدبى.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 86 ] ابن زيد : البراغيث.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: هو الحمنان؛ وهو ضرب من القراد، واحدتها: حمنانة.

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر بعض المفسرين: أنه كان بعين شمس كثيب من تراب، فضربه موسى بعصاه، فصار قملا، وواحد (القمل) : (قملة).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: {والضفادع} يعني: هذه المعروفة التي تكون في الماء، الواحدة: (ضفدع)، روي: أنها ملأت فرشهم، وأوعيتهم، وطعامهم، وآنيتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      {والدم}: روي: أن مياههم انقلبت دما، وكان الإسرائيلي والقبطي يشربان من إناء واحد؛ فيجده الإسرائيلي ماء، والقبطي دما، وكانت القبطية فيما روي- تقول للإسرائيلية: مجي في في من فيك، فتفعل ذلك؛ فيتحول دما.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 87 ] آيات مفصلات أي: مبينات ظاهرات، عن مجاهد ، وقيل: بعضها منفصل من بعض، قيل: كان بين الآية والآية ثمانية أيام.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما وقع عليهم الرجز يعني: العذاب، ابن جبير : هو الطاعون، مات به من القبط سبعون ألفا، وقيل: المراد بـ {الرجز}: ما تقدم ذكره من الآيات.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولنرسلن معك بني إسرائيل : كانوا قد حبسوهم يستخدمونهم، على ما تقدم ذكره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إلى أجل هم بالغوه يعني: آجالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {ينكثون}: ينقضون ما عقدوه على أنفسهم.

                                                                                                                                                                                                                                      فأغرقناهم في اليم أي: في البحر.

                                                                                                                                                                                                                                      وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون يعني: بني إسرائيل.

                                                                                                                                                                                                                                      مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها : قال الحسن ، وقتادة : الشام ومصر.

                                                                                                                                                                                                                                      وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل قيل: هي قوله: ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ، إلى قوله: ما كانوا يحذرون ، وقيل: هي قوله: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض ، ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون : قال ابن عباس ، [ ص: 88 ] ومجاهد : أي: ما كانوا يبنون من القصور وغيرها، الحسن : هو تعريش الكرم.

                                                                                                                                                                                                                                      وجاوزنا ببني إسرائيل البحر يعني: حين أغرق فرعون.

                                                                                                                                                                                                                                      فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم أي: يلزمون عبادتها، قيل: كانوا من الكنعانيين الذين أمر موسى بقتالهم، وكانت أصنامهم -فيما روي- صور بقر.

                                                                                                                                                                                                                                      إن هؤلاء متبر ما هم فيه أي: مدمر مهلك، و (التبار): الهلاك؛ يعني: أن العابد والمعبود مهلكان.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين أي: أطلبه لكم، وتقدم ذكر تفضيلهم على العالمين.

                                                                                                                                                                                                                                      وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر : قال مجاهد ، وغيره: هي ذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، وقيل: إنه واعده أن يصوم الشهر، وينفرد بالعبادة، ثم أتم ذلك بعشر إلى وقت المناجاة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فتم ميقات ربه أربعين ليلة : تأكيد؛ ليعلم أن العشر ليست من جملة الثلاثين؛ إذ قد يتوهم أن المعنى: أتممنا الثلاثين بعشر منها، وقيل: لئلا يتوهم أن العشر عشر ساعات، وقيل: ليدل على انقضاء العدد، وأنه لم يبق منه شيء.

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر المفسرون: أن موسى لما جاوز البحر؛ سأله قومه أن يأتيهم بكتاب، [ ص: 89 ] وكان قد وعدهم بذلك، فاختار منهم سبعين رجلا، وخرج بهم، وأمره الله عز وجل أن يعلمهم أنه لن يأتيهم إلى تمام أربعين ليلة، وصعد موسى الجبل، وبقوا ينتظرونه في أسفله، فعدوا عشرين يوما، وعشرين ليلة، وقالوا: قد أخلفنا موعده، وعمل السامري العجل؛ فعبده بنو إسرائيل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية