الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              125 (باب أي الذنب أكبر؟)

                                                                                                                              وترجمه النووي بقوله (باب بيان كون الشرك أقبح الذنوب، وبيان أعظمها بعده) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 80 جـ2 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عبد الله بن مسعود، قال رجل: يا رسول الله ! أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: «أن تدعو لله ندا وهو خلقك» قال: ثم أي؟ قال: «أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك» قال: ثم أي؟ قال: «أن تزاني حليلة جارك» فأنزل الله عز وجل تصديقها والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: «قال رجل: يا رسول الله! أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: أن تدعو لله ندا» ) .

                                                                                                                              [ ص: 220 ] أي: «مثلا» ، وقال الأخفش «الند» الضد والشبه. وفلان بن فلان، ونديده، ونديدته، أي: «مثله» ، «وهو خلقك» .

                                                                                                                              وفيه، أن الشرك أعظم الذنوب؛ ولهذا لا يغفر ما دونه، كان ما كان.

                                                                                                                              (قال: ثم أي؟ قال: «أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك» بفتح الياء أي «يأكل» . وهو معنى قوله تعالى:

                                                                                                                              ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق . أي: «فقر» .

                                                                                                                              (قال: ثم أي؟ قال: «أن تزاني حليلة جارك) بالحاء المهملة، وهي زوجته» . سميت بذلك لكونها تحل له. وقيل: لكونها تحل معه.

                                                                                                                              ومعنى «تزاني» تزني بها برضاها؛ وذلك يتضمن الزنا، وإفسادها على زوجها. واستمالة قلبها إلى الزاني؛ وذلك أفحش. وهو مع امرأة الجار أشد قبحا، وأعظم جرما، لأن «الجار» يتوقع من جاره الذب عنه، وعن حريمه، ويأمن «بوائقه» ، ويطمئن إليه.

                                                                                                                              وقد أمر بإكرامه، والإحسان إليه. فإذا قابل هذا كله بالزنا بامرأته، وإفسادها عليه، مع تمكنه منها، على وجه لا يتمكن غيره منها، كان في غاية من القبح.

                                                                                                                              فأنزل الله عز وجل تصديقها:

                                                                                                                              والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما .

                                                                                                                              [ ص: 221 ] أي: جزاء إثمه. وهو قول الخليل، وسيبويه، وأبي عمرو الشيباني، والفراء، والزجاج، وأبي علي الفارسي، وقيل: «عقوبة» قاله يونس، وأبو عبيدة.

                                                                                                                              وقيل: «جزاء» . قاله ابن عباس، والسدي.

                                                                                                                              وقال أكثر المفسرين أو كثيرون منهم: «هو واد في جهنم» . عافانا الله وأخلافنا منها.




                                                                                                                              الخدمات العلمية