الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3434 باب: الأمر بلزوم الجماعة، عند ظهور الفتن

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين، عند ظهور الفتن، وفي كل حال. وتحريم الخروج من الطاعة، ومفارقة الجماعة) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص236-237 ج12 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [حدثني محمد بن المثنى . حدثنا الوليد بن مسلم . حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي ; أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير. وكنت أسأله عن الشر; مخافة [ ص: 342 ] أن يدركني. فقلت: يا رسول الله! إنا كنا في جاهلية وشر. فجاءنا الله بهذا الخير. فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: "نعم" فقلت" هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم. وفيه دخن". قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يستنون بغير سنتي. ويهدون بغير هديي. تعرف منهم وتنكر" فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم. دعاة على أبواب جهنم. من أجابهم إليها; قذفوه فيها" فقلت: يا رسول الله! صفهم لنا. قال: "نعم قوم من جلدتنا. ويتكلمون بألسنتنا". قلت: يا رسول الله! فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم". فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة، ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها. ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك" ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              ( عن حذيفة بن اليمان ) رضي الله عنه; ( قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخير. وكنت أسأله عن الشر; مخافة أن يدركني. فقلت: يا رسول الله! إنا كنا في جاهلية وشر. فجاءنا الله بهذا الخير. فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: "نعم". فقلت له: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم. وفيه دخن") .

                                                                                                                              [ ص: 343 ] قال أبو عبيد وغيره: "الدخن" بفتح الدال والخاء. أصله: أن تكون في لون الدابة كدورة إلى سواد. قالوا: والمراد هنا: أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض، ولا يزول خبثها، ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفا . قال عياض : المراد بالخير بعد الشر: أيام عمر بن عبد العزيز "رضي الله عنه".

                                                                                                                              ( قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يستنون بغير سنتي. ويهتدون بغير هديي") . "الهدي": الهيئة والسيرة والطريقة.

                                                                                                                              ( تعرف منهم وتنكر) . قال النووي : المراد: الأمراء بعد " عمر بن عبد العزيز ". انتهى.

                                                                                                                              قلت: إبقاء الحديث على العموم أولى من تخصيصه ببعض الأزمان.

                                                                                                                              ( فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم. دعاة على أبواب جهنم. من أجابهم إليها، قذفوه فيها") .

                                                                                                                              قال العلماء: هؤلاء من كان من الأمراء: يدعو إلى بدعة أو ضلال آخر; كالخوارج. والقرامطة. وأصحاب المحنة. وكل داعية إلى بدعته.

                                                                                                                              [ ص: 344 ] ( فقلت: يا رسول الله! صفهم لنا. قال: "نعم. هم قوم من جلدتنا. ويتكلمون بألسنتنا".

                                                                                                                              قلت: يا رسول الله! فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم". فقلت: فإن لم يكن لهم جماعة، ولا إمام؟) . كما هو مشاهد اليوم.

                                                                                                                              ( قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها. ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك") .

                                                                                                                              فيه: الإرشاد إلى العزلة، في زمان الفتن.

                                                                                                                              قال النووي : في هذا الحديث: لزوم جماعة المسلمين وإمامهم; ووجوب طاعته، وإن فسق وعمل المعاصي; من أخذ الأموال وغير ذلك. فتجب طاعته في غير معصية.

                                                                                                                              قال: وفيه: معجزات لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وهي هذه الأمور التي أخبر بها. وقد وقعت كلها. انتهى .




                                                                                                                              الخدمات العلمية