الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5229 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي، في (باب ذكر الدجال).

                                                                                                                              [ ص: 436 ] (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص71 ، 72 ج18، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن ابن شهاب، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة؛ أن أبا سعيد الخدري قال: حدثنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم يوما- حديثا طويلا عن الدجال. فكان فيما حدثنا، قال: "يأتي، وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة. فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ- رجل هو خير الناس -أو من خير الناس- فيقول له: أشهد أنك الدجال، الذي حدثنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: حديثه.

                                                                                                                              فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا، ثم أحييته: أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا.

                                                                                                                              قال: فيقتله، ثم يحييه. فيقول -حين يحييه-: والله! ما كنت فيك قط- أشد بصيرة مني الآن.

                                                                                                                              قال: فيريد الدجال أن يقتله، فلا يسلط عليه"
                                                                                                                              .

                                                                                                                              قال أبو إسحاق: يقال: إن هذا الرجل هو الخضر، عليه السلام ).

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه؛ قال: حدثنا رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم يوما، حديثا طويلا عن الدجال. فكان فيما حدثنا، قال: يأتي، وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة) بكسر [ ص: 437 ] النون: جمع "نقب". وهو الطريق بين الجبلين. "والأنقاب": جمع قلة. قاله السيد.

                                                                                                                              (فينتهي إلى بعض السباخ، التي تلي المدينة).

                                                                                                                              "السباخ" جمع: "سبخة". وهي أرض ذات ملح.

                                                                                                                              (فيخرج إليه -يومئذ- رجل، هو خير الناس -أو من خير الناس- فيقول له: أشهد أنك الدجال، الذي حدثنا رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: حديثه.

                                                                                                                              فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا، ثم أحييته: أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا.

                                                                                                                              قال المازري: إن قيل: إظهار المعجزة على يد الكذاب، ليس بممكن، وكيف ظهرت هذه الخوارق للعادة: على يده؟.

                                                                                                                              فالجواب: أنه إنما يدعي الربوبية! وأدلة الحدوث: تخل ما ادعاه، وتكذبه.

                                                                                                                              وأما النبي، فإنما يدعي النبوة. وليست مستحيلة في البشر. فإذا أتى بدليل لم يعارضه شيء: صدق.

                                                                                                                              وأما قول الدجال: أرأيتم إلخ: فقد يستشكل. لأن ما أظهره الدجال: لا دلالة فيه لربوبيته، لظهور النقص عليه. ودلائل الحدوث، [ ص: 438 ] وتشويه الذات، وشهادة كذبه، وكفره: المكتوبة بين عينيه، وغير ذلك.

                                                                                                                              ويجاب: بأنهم لعلهم قالوا، خوفا منه وتقية، لا تصديقا.

                                                                                                                              ويحتمل: أنهم قصدوا: لا نشك في كذبك وكفرك. فإن من شك في كذبه وكفره: كفر.

                                                                                                                              وخادعوه بهذه التورية: خوفا منه.

                                                                                                                              ويحتمل أن الذين قالوا: لانشك. هم مصدقوه من اليهود وغيرهم، ممن قدر الله شقاوته.

                                                                                                                              فيقول -حين يحييه-: والله! ما كنت فيك قط، أشد بصيرة مني الآن.

                                                                                                                              قال: فيريد الدجال أن يقتله، فلا يسلط عليه.

                                                                                                                              قال أبو إسحاق) هذا. هو إبراهيم بن سفيان، راوي الكتاب عن مسلم. وكذا قال معمر في "جامعه"، في إثر هذا الحديث، كما ذكره ابن سفيان.

                                                                                                                              :(يقال: إن هذا الرجل، هو الخضر، عليه السلام). هذا تصريح منه: بحياة الخضر عليه السلام. قال النووي : وهو الصحيح. انتهى.

                                                                                                                              قلت: ولا حجة فيه، ولا حجة في قول أحد كائنا من كان: إلا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.

                                                                                                                              [ ص: 439 ] ولم يرد في مرفوع: أن هذا الرجل هو الخضر، عليه السلام. وقد سبق في محله: أن الراجح: عدم حياته. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية