الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين .

[236] لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أي: تجامعوهن. قرأ حمزة، والكسائي، وخلف : (تماسوهن) بالألف في الموضعين على المفاعلة، لأن بدن كل واحد يلاقي بدن صاحبه كما قال تعالى: من قبل أن يتماسا [المجادلة: 3] ، وقرأ الباقون: (تمسوهن); لأن الغشيان يكون من فعل الرجل; لقوله تعالى حكاية عن مريم: ولم يمسسني بشر [مريم: 20].

أو تفرضوا أي: تسموا.

لهن فريضة مهرا. نزلت في رجل من الأنصار تزوج امرأة من بني حنيفة، ولم يسم لها مهرا، ثم طلقها قبل أن يمسها، فنزلت هذه الآية، فقال [ ص: 339 ] له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "متعها، ولو بقلنسوتك" ونفي الجناح عن المطلق; لأن الطلاق مكروه، وجاء في الحديث: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق". تلخيصه: لا تبعة عليكم إن أردتم الطلاق قبل الدخول والمسيس، فطلقوهن.

ومتعوهن أصل المتعة والمتاع: البلاغ; أي: أعطوهن ما يتبلغن وينتفعن به.

على الموسع أي: ذي السعة منكم.

قدره أي: بقدر وسعه.

وعلى المقتر الضيق الحال.

قدره بقدر ضيقه. قرأ حمزة، والكسائي، وخلف، وابن ذكوان، وأبو جعفر (قدره) بفتح الدال فيهما، والباقون: بسكونها، وهما لغتان. [ ص: 340 ]

متاعا نصب على المصدر.

بالمعروف أي: بما أمركم الله به من غير ظلم.

حقا مصدر حق.

على المحسنين إلى المطلقات بالتمتع، فمن تزوج امرأة، ولم يفرض لها مهرا، ثم طلقها قبل المسيس، فلها المتعة بالاتفاق، وإن طلقها قبل المسيس، وقد فرض لها، فلها نصف المفروض، ولا متعة لها بالاتفاق.

واختلف الأئمة في المطلقة بعد الدخول، فقال الشافعي : تستحق المتعة; لقوله تعالى: وللمطلقات متاع بالمعروف [البقرة: 241]; لأن استحقاقها المهر بمقابلة ما أتلف عليها من منفعة البضع، فلها المتعة على وحشة الفراق.

وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : لا متعة لها، واختلفوا في قدر المتعة، فقال أبو حنيفة : مبلغها إذا اختلف الزوجان قدر نصف مهر مثلها لا يجاوز، وقال الشافعي : يستحب ألا تنقص عن ثلاثين درهما، فإن تنازعا، قدرها القاضي بنظره معتبرا حالهما، وقال أحمد : أعلاها خادم، وأدناها كسوة تجزئها الصلاة فيها، وقال مالك : ليس لها حد محصور، وإنما يعطيها شيئا يجري مجرى الهبة بحسب ما يحسن على قدر حاله من يسر وعسر.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية