الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بيان حكم الكفاءة بالزواج

ولا عار في تزويج البنات بالموالي الصلحاء، والعبيد النبلاء إذا اتحدوا في الإسلام، وبه قال مالك.

وذهب غيره من الفقهاء إلى اعتبار الكفاءة في الحرفة والحرية وغيرهما، والأرجح في المسألة هو مذهب إمام دار الهجرة، وهو العبرة بكفاءة الإسلام.

وبه تظاهرت الأحاديث الصحيحة، والآيات القرآنية.

اعتبار شرف آدميان از حسب ست بهر تحقيق نسب آدم وحواكا في ست



وقال بعض المحققين: فإن كان ولا بد من اعتبارها، فالعلم أولى ما يعتبر به في هذا الباب; فإنه لا شرف أعظم للمرء من العلم، وإن كان وضيعا في النسب، ولا عبرة بالنسب المجرد إذا كان صاحبه عاريا عن الفضل.

[ ص: 398 ] فالعمدة في هذا الباب هو الاتصاف بالدين والعلم لا ثالث لهما.

وجعلناكم شعوبا وقبائل الشعب - بالفتح: الحي العظيم مثل: "مضر" ، و "ربيعة" . والقبيلة دونه; كبني بكر من ربيعة، وبني تميم من مضر لتعارفوا ; أي: خلقناكم كذلك ليعرف بعضكم بعضا.

والفائدة في التعارف: أن ينتسب كل واحد منهم إلى نسبه، ولا يعتزي إلى غيره، ويصل رحمه، وتقع الدية على العاقلة ونحوها.

والمقصود من هذا: أن الله سبحانه خلقهم كذلك لهذه الفائدة، لا للتفاخر بالأنساب، ودعوى أن هذا الشعب أفضل من هذا الشعب، وهذه القبيلة أكرم من هذه القبيلة، وهذا البطن أشرف من هذا البطن.

ثم علل سبحانه ما يدل عليه الكلام من النهي عن التفاخر فقال: إن أكرمكم عند الله أتقاكم ; أي: إن التفاضل بينكم إنما هو بالتقوى، فمن تلبس بها، فهو المستحق لأن يكون أكرم ممن لم يتلبس بها، وأشرف وأفضل، فدعوا ما أنتم فيه من التفاخر بالأنساب; فإن ذلك لا يوجب كرما، ولا يثبت شرفا، ولا يقتضي فضلا.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أكرم ؟ قال: "أكرمهم عند الله أتقاهم" إلى قوله: "خيارهم في الجاهلية، خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" أخرجه البخاري وغيره.

وفيه دلالة على أن المعتبر في الإكرام عند العليم العلام، التقوى في الإسلام، والفقه فيه; أي: العلم بأدلة الكتاب والسنة، مع العمل بهما.

فلم يعتبر الله ورسوله في الكرامة والشرافة والخيرية إلا الدين، وإلا العلم، وقد وردت أحاديث في "الصحيح" وغيره أن التقوى هي التي تتفاضل بها العباد.

وإذا تقرر هذا، أن أكثر الناس تقاوة في هذه الملة الإسلامية، هم الصحابة والتابعون لهم بالإحسان، فإنهم كانوا على ذروة علياء من الطهارة والتقوى، [ ص: 399 ] وفيهم أصناف من الشعوب، وأنواع من القبائل، فلم يمنع كونهم منها، من البلوغ إلى معارج التقاوة، حتى صاروا بحيث إن أنفق أحد منا مثل "أحد" ذهبا، لا يبلغ مد أحدهم، أو نصيفه.

فلم تحصل هذه الفضيلة لهم إلا بالتقوى، وقوة الإيمان، والصلابة في الدين.

وهكذا حال من جاء بعدهم، وكان على سمتهم، ودلهم، وهديهم في الإسلام والإيمان والإحسان، وهم في هذه الأمة يعرفون بأهل الحديث، وأهل السلوك، فقد كانوا في أعلى مكان من التمسك بالكتاب والسنة، والاعتصام بهما في كل مسرة وغمة، وأكثرهم من العجم، من الأنساب المختلفة، والأحساب المتنوعة، وفيهم الموالي وأهل الحرف والصناعة والتجارة والزراعة، فالله أكرمهم بالتقوى، وفضلهم على أهل التقوى، وشرفهم على أصحاب الأنساب، والمفتخرين بالأحساب، وجعلهم أئمة الدين، وصيرهم مجددين ومجتهدين في الشرع المبين.

وأكثر من علا نسبا وافتخر حسبا، حرم من الفضائل الدينية، والفواضل اليقينية، وهلك فيمن هلك من أبناء الدنيا وآبائها، كما قال سبحانه: وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد [البقرة: 209].

وحكى عن أنبيائه - عليهم السلام - أن منهم من قال: واجعلنا للمتقين إماما [الفرقان: 74]، وهذا محل غاية الاعتبار ونهاية الافتكار، حيث عز الذليل، وذل العزيز إن الله عليم بكل معلوم، ومن ذلك افتخاركم بالأنساب خبير [الحجرات: 13] بما تسرون في أنفسكم من التعلي بالنسب، والتفاخر بالحسب، وما تعلنون من ذلك، لا يخفى عليه خافية.

ومن أكثر الناس ابتلاء بهذا الداء العضال أبناء العلماء، وأولاد المشايخ [ ص: 400 ] الفقراء، فقد فاهوا بهذا الفخر في المجالس والمحافل، واحتفلوا به في الرسائل والمسائل، إلى أن ليس في أيديهم إلا هذه الدعوى فقط، وهم محرومون عن الفضائل التي كانت حاصلة لأسلافهم الذين يفتخرون بهم اليوم.

فأي شرف لمثل هذا الجاهل من ذلك الأب الفاضل ؟ سواء كان قريبا، أو بعيدا.

أليست بنو آدم كلهم من نسل أبي البشر النبي خليفة الله في الأرض ؟ أليست اليهود من فروع الأنبياء ؟ أليست قريش من صلب إسماعيل ؟ وعلى هذا جميع البشر من أولاد الأنبياء والصلحاء.

غاية ما في الباب أن بعضهم قريب منهم في النسب، وبعض آخر بعيد منهم. ولا أثر لهذا القرب والبعد في إثبات الشرف ونفي النسب. فكلهم باعتبار أصولهم شرفاء نسباء. ولكن الذي عليه اعتماد الإسلام، وتعويل الدين، هو التقوى والعلم.

فمن اتصف بهما، فقد فاز فوزا عظيما، وهو الشريف، بل أشرف الأشراف عند الله تعالى، وعند رسوله، وعند علماء الأمة.

ومن لم يتصف بهما، فقد خسر خسرانا مبينا، وإن كان من نسل النبي بلا واسطة; كابن نوح - عليه السلام-.

بنده دين شدى ترك نسب كن جامى     كه درين راه فلان ابن فلان جيزى نيست



إنه عمل غير صالح ألا ترى أن الإيمان نفع امرأة فرعون مع كونه كافرا، ولم ينفع الاتصال بالرسول امرأة لوط - عليه السلام ؟

فثبت أن العبرة بالحسب لا بالنسب، والمراد بالحسب: التقوى والعلم، وبالنسب: كون الرجل من بيت عال، وجيل شرافة ماضية، فالاعتبار - في دين الإسلام - هو بالأول، لا بالثاني.

[ ص: 401 ] وقد غلب الجهل على عامة الخلق، فعضوا بالثاني بنواجذهم، وتركوا الأول رأسا، فضلوا وأضلوا، وهلكوا وخسروا، وزين لهم الشيطان أعمالهم، فاتبعوا خطواته، فلم يكترثوا بالدين، واعتصموا بالطين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقال تعالى: فإذا نفخ في الصور قيل: هذه هي النفخة الأولى، قاله ابن عباس. وقيل: الثانية، قاله ابن مسعود، وهذا أولى، وهي النفخة التي بين البعث والنشور.

فلا أنساب بينهم يومئذ يتفاخرون بها، أو تنفعهم; لزوال التراحم والتعارف; أي: لا يذكرونها; لما هم فيه من فرط الحيرة، واستيلاء الدهشة، وهو جمع "نسب" ، وهو القرابة.

ولا يتساءلون [المؤمنون: 101]; أي: لا يسأل بعضهم بعضا عنها، فإن لهم إذ ذاك شغلا شاغلا.

ومنه قوله تعالى: يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه [عبس: 34-36]، وقوله: ولا يسأل حميم حميما [المعارج: 10]عن ابن مسعود، قال: إذا كان يوم القيامة، جمع الله الأولين والآخرين، وفي لفظ: يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأولين والآخرين، ثم ينادي مناد: ألا إن هذا فلان ابن فلان، فمن كان له حق، فليأت إلى حقه.

والآية دليل على عدم نفع الأنساب يوم الحساب، وعلى عدم السؤال عن النسب، وإنما يسألون عن الحقوق والحسب.

وأخرج أحمد، والطبراني، والحاكم، والبيهقي في "سننه" ، عن مسور بن مخرمة، وهو من رجال الصحيح للبخاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأنساب تنقطع يوم القيامة، غير نسبي وسببي وصهري" .

وأخرج البزار، والطبراني، وأبو نعيم، والحاكم، والضياء في "المختارة" ، عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي" .

[ ص: 402 ] وأخرج ابن عساكر، عن ابن عمر مرفوعا: "كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة، إلا نسبي وصهري" .

وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "ما بال رجال يقولون: إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله! إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني - أيها الناس - فرط لكم" .

فإن ثبتت هذه الأحاديث، دلت على نفع نسبه صلى الله عليه وسلم خاصة في أهل بيته - رضي الله عنهم -، ولا منافاة بين الخاص والعام.

والمراد: نفعه لأهل الإيمان منهم، لا لجميعهم لمجرد النسب والسبب، فإن منهم من تشيع، ومنهم من خرج، ومنهم من تنصر، فكيف يعمهم وهم عن الإسلام بمعزل ؟

فإن قيل بالعموم، كان المعنى: تخفيف العذاب في أهل الخلود منهم، لا نجاتهم من النار.والذين يفتخرون بالأنساب، إنما يفتخرون بها على زعم أن أسلافهم تنجيهم من عذاب الله.

ولم يدر هؤلاء المساكين أنه لا شفاعة لأحد عند الله إلا بإذنه، ولا نجاة لفرد إلا بفضله.

وهذا النسب، وهذا الفخر به لا ينفعهم في الدنيا عند الناس أصلا، فكيف في الآخرة عند رب الناس ؟!

بل أصحاب الأنساب العالية، إذا فعلوا سيئات، صاروا أحقاء بتضعيف العقاب، بنص السنة والكتاب.

أما نص السنة، فقوله صلى الله عليه وسلم: "يا فاطمة بنت محمد! لا أغني عنك من الله شيئا" .

وأما نص الكتاب، فقوله سبحانه: [ ص: 403 ] يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين [الأحزاب: 30]، فالتعزير على قدر التكبير.

فأين أنت - يا مسكين - من المعرفة بهذه المسألة ؟ اعلم أنه لا ينفعك إلا تقوى الله، والعلم النافع، والعمل الخالص.

وقال تعالى: ولا تزر وازرة وزر أخرى [الإسراء: 15]، وهذا نص في محل النزاع. وفيه رد على المفتخرة بالأسلاف الكرام والآباء، فإن أوزار الأبناء لا تحملها الآباء، حتى ينفعهم اتصالهم بهم في النسب والقرابة، فهذا الفخر ضائع، والمفاخر به نفسه بالخسران بائع.

قال في "فتح البيان" في معنى هذه الآية: أي: لا تحمل نفس حاملة حمل نفس أخرى; أي: لا تؤخذ نفس بذنب غيرها.

وأن ليس للإنسان إلا ما سعى [النجم: 39]، قيل: هذا من جملة ما في صحف موسى، وإبراهيم.

والمعنى: ليس له أجر إلا سعيه، وجزاء عمله، ولا ينفع أحدا عمل أحد وأن سعيه سوف يرى [النجم: 40]; أي: يعرض عليه، ويكشف له، ويبصره في الآخرة في ميزانه من غير شك، ثم يجزاه الجزاء الأوفى [النجم: 41]; أي: يجزي الإنسان سعيه، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

ولا ينفعه شرافة الآباء، وكرامة الأسلاف، والفخر بالأنساب على عادة الجاهلية الجهلاء.

وأما نفع دعاء الأحياء للأموات، فهو مسألة أخرى صحيحة، ذكرها في "فتح البيان" .

وليس بينها وبين هذه الآية معارضة أو مخالفة في التبيان، فراجعه; لأن المقصود هنا: أن مجرد النسب مع عدم الكسب - أعني: كسب الخير - لا ينفع، وذلك النفع مع صحة الإيمان، فأين هذا من ذاك ؟!

[ ص: 404 ] وعن أبي هريرة في حديث طويل يرفعه: "من بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه" رواه مسلم.

وهذا صريح في عدم مسارعة النسب إلى النجاة مع بطء العمل.

وعن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: 1- الفخر في الأحساب" ; بأن يقول: أنا ابن فلان العالم، أو الشيخ، أو الولي، أو النبي، أو الملك، أو الرئيس "2- والطعن في الأنساب" ; بأن يقول: فلان كذا وكذا، في ذاته، وأصله، وينسبه إلى حرفة، أو فقر، أو ذلة، أو دناءة في الكفاءة، كعادة الجهلة في الازدراء بأبناء السراري والجواري، مع كونهم فاضلين في الدين والعلم، وإلصاق العار بأولاد أمهات الأولاد، والنظر إلى الأقوام الوضيعة بالحقارة، وإلى أنفسهم بالشرافة والعلو، ولكونهم من أصول السادة، أو الشيوخ أو غيرهما، ممن لهم اسم في الدنيا بين أبنائها. الحديث رواه مسلم.

وفيه دلالة على كون هذه الخصال من أمر الجاهلية، لا من أمر الإسلام، واضحة لا شك فيها.

وهذه الشيمة قد وجدت في آخر هذه الأمة على الوجه الأتم; لغربة الإسلام وأهله، وعاد زمان الجاهلية بعينه في هذا العصر.

فالبدار البدار إلى الاحتراز عن الجاهلية الجهلاء، والنجاء النجاء من هذه الرسوم الظلماء.

وقد تقدم قريبا حديث: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام" ، وهو متفق عليه، وله دلالة على أن الاعتبار في الشرافة والقرابة بالخيرية في الإسلام، والعلم فيه.

وعن عياض بن حمار المجاشعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله أوحى إلي أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد" رواه مسلم.

[ ص: 405 ] فيه النهي عن الفخر بالنسب، والأصل فيه التحريم، فالمفتخر به واقع في الكبيرة المنهي عنها.

وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا، إنما هم فحم جهنم" ، المراد بهم: الكفار، وإن كانوا في الدنيا ذوي عزة واعتبار.

"أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخراء بأنفه" ; أي: يدحرجه.

والخرء - بالضم: العذرة، وهذا غاية في الذلة، ونهاية في الحقارة، لا يتصور فوقه خزي.

"إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية" ; أي: نخوتها "وفخرها بالآباء" فيه أن هذه المفاخرة كانت من عادة الجاهلية، وهي تفارق الإسلام مفارقة ظاهرة، وتباينه مباينة واضحة، فإذا وجدت فيه، كان في الإسلام نقص وثلمة، على قدر الوجود والابتلاء بها.

"إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقي" هذا تقسيم للناس نبوي، اعتبر فيه التقوى والفجور، ولم يتعرض للنسب والحسب أصلا، بل سجل عليهما بأنهما من شيم الجاهلين الذين لم يكونوا مسلمين، فما له وللإسلام ؟

"الناس كلهم بنو آدم، وآدم من تراب" ، دليل آخر على نفي الفخر بالأنساب، والنهي عن التكبر في الذوات.

وإذا كان أصلهم جميعهم هذا التراب المحقر الضعيف، والطين الوضيع الذليل، فالتكبر والتفاخر منفي بكل حال.

وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المفتخرين بالآباء، الذين ماتوا في الجاهلية، ودرجوا في خبر كان، بالجعل، وآباءهم المفتخر بهم بالعذرة، وافتخارهم بهم بالدهدهة بالأنف، وسماها عبية الجاهلية، وليس بعد هذا البيان بيان، ولا قرية بعد عبادان.

التالي السابق


الخدمات العلمية