الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن اشترى سلعة فأشرك فيها رجلا على أن ينقد عنه أو ينقد هو عن المشرك

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن اشترى سلعة، ثم سأله رجل أن يشركه فيها فقال: أشركك على أن تنقد عني، لم يجز، وهو بيع وسلف .

                                                                                                                                                                                        فإن نزل فسخ، إلا أن يسقط السلف، فإن كان السلف من المشتري، فقال: اشتر وأشركني وانقد عني، أو قال: اشتر وأشركني ثم بعد انعقاد الشراء قال: انقد عني، جاز ذلك في كل شيء الصرف والطعام والعروض، وبيع النقد والأجل; لأن الشراء انعقد عليهما جميعا.

                                                                                                                                                                                        ولو اشترى لنفسه فبعد أن عقد البيع قال: أشركني وانقد عني، أو قال: أشركني، فلما أشركه، قال: انقد عني، لم يجز في الصرف، وجاز في العروض إذا لم يكن سلما في الذمة، وسواء أشركه بشرط النقد أو تطوع بالنقد بعد أن أشركه.

                                                                                                                                                                                        فإن كان سلما في الذمة فأشركه على أن ينقد عنه، لم يجز، وإن أشركه بغير شرط ثم رضي أن ينقد عنه جاز.

                                                                                                                                                                                        وجعل الجواب في الطعام على ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                        معينا حاضرا، أو معينا غائبا، أو سلما في الذمة.

                                                                                                                                                                                        فإن كان حاضرا، لم يجز أن يشركه على أن ينقد عنه، وإن أشركه بغير شرط ثم قال: انقد عني، ولم يكن الأول نقد، جاز، وإن كان قد نقد لم يجز. [ ص: 3069 ]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم أيضا: لا بأس إذا سأله بعد أن ينقد عنه . ولم يراع نقد الأول أو لم ينقد. وإن كان الطعام سلما في الذمة لم تجز الشركة إلا أن ينقد بالحضرة، قال ابن القاسم مثل الصرف حرفا بحرف. يريد أنه لا يجوز أن ينقد الأول بشرط ولا بتطوع.

                                                                                                                                                                                        قال: وإن كان الطعام غائبا لم يجز فيه شرك ولا تولية وإن كان معينا; لأنه يصير دينا بدين . قال محمد: إلا أن ينقد حصته قبل أن يفترقا .

                                                                                                                                                                                        والجواب في الصرف صحيح; لأن الشركة في جميع هذه الوجوه كبيع مبتدإ، فلا يجوز أن يتطوع بالصبر في الصرف، كما لا يجوز إن كانت مصارفة من غير شركة.

                                                                                                                                                                                        وأما العروض تكون سلما في الذمة، فمحمل قوله في منع الشركة بشرط النقد على القول في التولية أنها لا تجوز إلا أن ينقد، ويجوز على القول الآخر أن ينقد بعد اليومين والثلاثة، كتأخير رأس مال السلم.

                                                                                                                                                                                        ومنع الشركة في الطعام الحاضر بشرط النقد; لأنهما خرجا عن وجه المعروف ، وإن كانت بغير شرط، صحت، ثم كان تطوعه بالنقد معروفا أيضا، ومنعه في القول الآخر، خيفة أن يكونا عملا على ذلك . [ ص: 3070 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية