الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما إذا اختلف المتكاريان في التسمية]

                                                                                                                                                                                        وإن اختلفا، فقال الساكن: أسكنتني باطلا. وقال الآخر: أسكنتك بكذا وكذا وأتى في التسمية بما يشبه، كان القول قول صاحب الدار مع يمينه ويأخذ التسمية، وهو قول ابن القاسم. وقال غيره: عليه الأقل من قيمة ما سكن أو ما ادعاه صاحب الدار بعد أيمانهما.

                                                                                                                                                                                        ومدعي الهبة على ثلاثة أوجه: فإن لم يكن لدعواه شبهة تكون الهبة لأجلها، كان القول قول المالك بغير يمين. وإن كانت شبهة ودلائل على الهبة، كان القول قول مدعيها بيمين، وقد تكون تارة بغير يمين. وإن أشكل الأمر [ ص: 5076 ] كان القول قول المالك.

                                                                                                                                                                                        واختلف في اليمين، فإن كانا أجنبيين لا قرابة بينهما ولا صداقة ولا فقر تكون الهبة لأجله، كان القول قول المالك بغير يمين إذا كان ما ادعاه من المسمى مثل كراء المثل فأقل، فإن كان أكثر من كراء المثل إلا أنه يشبه أن يكريه به، حلف المالك وحده عند ابن القاسم; لأن الساكن بمنزلة من اعترف بالكراء وكتم التسمية. وعلى قول غيره: يحلف الساكن وحده أنه لم يكتر منه بما قال ويغرم كراء المثل ولا يمين على الآخر.

                                                                                                                                                                                        وإن كان الذي ادعاه المالك لا يشبه أن يكترى به على حال، حلف الساكن وحده على القولين جميعا وغرم كراء المثل. وإن كانت هناك شبهة لسكناه باطلا وكان الذي ادعاه المالك مثل كراء المثل فأقل، حلف وحده وأخذ ما ادعاه.

                                                                                                                                                                                        وصفة يمينه أن يحلف أنه لم يسكنه باطلا لا غير. وإن كان ما ادعاه فوق كراء المثل إلا أنه يشبه أن يكترى به، حلفا جميعا، يحلف المالك أنه لم يسكنه باطلا، ويحلف الآخر أنه لم يكتر بتلك التسمية وغرم كراء المثل.

                                                                                                                                                                                        وإن قام للساكن دليل على أن سكناه كان باطلا لقرابة أو صداقة لا يشبه أن يسكنه معها بكراء وأن الذي أوجب ذلك اختلاف حدث أو كان، مثل: الأبوين، والابن، أو الزوجة تسكن زوجها، كان القول قول الساكن مع يمينه أنه لم يشترط عليه كراء، فإن لم يدع المالك أنه اشترط عليه كراء لم يكن عليه يمين.

                                                                                                                                                                                        وإن طالت السنون وهو لا يؤدي كراء وخرج من المسكن وطالت [ ص: 5077 ] السنون وهو لا يطلب كراء، كان أبين في سقوط دعواه، ويشترك الأجنبي مع القريب والصديق في هذا الوجه إذا طالت المدة بعد خروجه ولم يطلبه بشيء في ألا قيام له. [ ص: 5078 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية