الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في أن يستدين شخص دينا إلى أجل ويعطي به حميلا]

                                                                                                                                                                                        ومن كان عليه دين إلى أجل فأعطى به حميلا إلى ذلك الأجل جاز كان الدين عينا أو عرضا، ويفترق الجواب إذا أعطاه حميلا ليتعجله قبل الأجل، فإن كان الدين عينا أو عرضا من قرض جاز، وإن كان من بيع وكان قصد الغريم بتعجيله منفعة الطالب جاز، وإن أراد إسقاط الضمان عن نفسه لم يجز، وإن حل الدين فأعطاه حميلا على أن يؤخره نظر هل الغريم موسرا أو معسرا، أو موسرا ببعض ذلك الحق؟ فإن كان موسرا لجميع الحق كان التأخير والحمالة جائزة، وإن كان معسرا فأخره لأجل يرى أنه يوسر إليه ولا يوسر دونه أنه جائز.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان ييسر قبله فمنعها ابن القاسم وأجازها أشهب، وإن كان موسرا بالبعض فأعطاه حميلا بالقدر الذي هو به موسر ليؤخره به جاز، وإن كان بما هو به معسر ويقبض الآن ما هو به موسر جاز. وإن كان ليؤخره بالجميع لم يجز؛ لأنه لم يوثقه بما هو به معسر لإمكان تأخيره بما هو به معسر، وذلك سلف جر منفعة.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت الحمالة قبل الأجل ليؤخره بعد الأجل لم يجز؛ لأن الغريم لم [ ص: 5643 ] يوثقه من الدين قبل الأجل إلا بأن أسلفه وهو التأخير بعد الأجل، فإن نزل ذلك كانت الحمالة ساقطة إن أفلس الغريم في الأجل الأول.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا دخل في الأجل الثاني هل تلزمه الحمالة؟ ولا أرى أن تلزم إذا لم تتغير ذمة الغريم الآن عن الحال التي كانت عليه عند محل الأجل، وإن تغيرت بنقص كان على الحميل القدر الذي دخل على الطالب من النقص لمكان التأخير، وإن شرط أنه لا يكون حميلا إن وقع فلس أو غيبة في الأجل الأول، وإنما يكون حميلا إذا دخل في الأجل الثاني جرى على ما تقدم إذا كانت الحمالة بعد محل الأجل ليؤخره فينظر هل هو موسر أو معسر بجميع الحق أو ببعضه؟

                                                                                                                                                                                        وإن كان مكان الحميل رهنا جرى في الصحة والفساد على ما تقدم في الحميل إذا كان الرهن لغير الغريم كالذي يستعيره ليرهنه، فإن كان ملكا له وأعطاه بعد الأجل ليؤخره به جاز؛ لأنه موسر به.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية