الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في حق المقذوف إذا مات]

                                                                                                                                                                                        وإن مات المقذوف فإنه لا يخلو من ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                        من يكون عفا قبل موته، فلا يكون لورثته قيام.

                                                                                                                                                                                        أو يوصي بالقيام لحقه، فيقام به، ولا يكون لورثته عفو.

                                                                                                                                                                                        ولا يقول لورثته شيئا، فإن ذلك إلى أوليائه، وهم بالخيار بين القيام والعفو، وهم: الابن، وابن الابن، والأب، والأخ، وابن الأخ، والجد، والعم، وابن العم، من انفرد منهم بالميت كان له القيام.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا اجتمعوا فعفا بعضهم، وفي دخول العصبة إذا لم يكن هناك من هو أقرب منهم، وفي الإناث كالبنات والأخوات إذا انفردن، فقال ابن القاسم في المدونة: القيام لولده، وولد ولده، وأبيه، وأجداده لأبيه، فمن قام منهم أخذ بحده وإن كان ثم من هو أقرب منه; لأنه عيب يلزمهم، ولا يقوم عصبتهم مع هؤلاء، ولهم أن يقوموا إذا لم يكن أحد من هؤلاء وتقوم البنات والأخوات والجدات، ولا يقوم الأخ وثم ولد ولد . فأدخل النساء والعصبة فى القيام بذلك، وقال في كتاب محمد: إن ترك الميت: الولد أو [ ص: 6249 ] ولد ولد وأبا وجدا لأب فهم سواء، ومن قام منهم، فله أن يحده وإن كان غيره أقرب منه، فأما الأخوة أو البنات أو الجدات أو غير من سمينا، فلا قيام له بحد الميت إلا أن يوصي . فأسقط قيام الأخوة والعصبة وسائر النساء.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب: ذلك للأقرب فالأقرب، ولا قيام لابن الابن مع الابن ولا عفو، ثم ابن الابن بعده، ثم الأب، ثم الأخ، ثم الجد، ثم العم، وكذلك قراباته من النساء: الأقرب فالأقرب، فأما بنت البنت والزوجة فلا .

                                                                                                                                                                                        وقول ابن القاسم الأول أحسن; لأنه عيب يشملهم، إلا العصبة، فإن قيامهم ضعيف، فإن لم يخلف أحدا من نسبه يقوم بذلك ولا وصى بالقيام، لم يقم بذلك، وهذا على القول أنه حق للمقذوف، وعلى القول أنه حق لله تعالى- يقوم به الإمام. [ ص: 6250 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية