الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل الأشهر المرغب في صيامها

                                                                                                                                                                                        الأشهر المرغب في صيامها ثلاثة: المحرم، ورجب، وشعبان، ومن أيام السنة ستة من شوال، وعشر ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، ومن أيام الجمعة الاثنين والخميس.

                                                                                                                                                                                        والأصل في هذه الجملة قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" أخرجه مسلم، [ ص: 816 ] وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر صياما منه في شعبان" اجتمع عليه الصحيحان.

                                                                                                                                                                                        وقال أبو أيوب: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر" أخرجه مسلم، وقال: "ما من أيام أحب إلى الله أن يعبد فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها صيام سنه، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر" وقال: "صيام يوم عرفة يكفر السنه الماضية والثانية، وصيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية" أخرجه مسلم.

                                                                                                                                                                                        يريد: في يوم عرفة ما لم يكن في حج، فإن فطره حينئذ أفضل للتقوي على الدعاء، وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "أوصاني خليلي بثلاث; بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وألا أنام قبل أن أوتر" أخرجه البخاري ومسلم. [ ص: 817 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف متى تصام الثلاثة من الشهر فقالت عائشة -رضي الله عنها- في كتاب مسلم: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم ثلاثة أيام من كل شهر. ولا يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم"، وقال أبو ذر -رضي الله عنه- في الترمذي: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم: ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر" وقيل: يصوم من أوله; لأن تعجيل كل خير خير من تأخيره، وإلى هذا ذهب الشيخ أبو الحسن، قال الشيخ -رضي الله عنه-: ولأنه لا يدري ما يقطعه عن ذلك من موت أو مرض أو سفر أو عدم نشاط، وقيل: يبتدئ كل عشر بصوم يوم، يصوم أول يوم، وأحد عشر، وأحد وعشرين؛ ليكون قد استفتح كل عشر بالطاعة.

                                                                                                                                                                                        وفي مسلم قال أبو قتادة -رضي الله عنه-: "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يوم الاثنين، فقال: فيه ولدت وفيه بعثت أو أنزل علي فيه" وفي الترمذي قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صوم الاثنين والخميس"، ومنه: قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب [ ص: 818 ] أن يعرض عملي وأنا صائم".

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية