الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن حج مستأجرا وبقي معه فضلة مال]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن قال : حجوا عني بهذه الأربعين دينارا ، فأعطيت لمن حج عنه على البلاغ وفضلت عشرون كانت ميراثا ، وكذلك إن قال : أعطوا فلانا أربعين دينارا يحج بها عني فاستؤجر بثلاثين ؛ كان الفاضل ميراثا ، قال : لأن مالكا قال فيمن أوصى أن يشترى عبد فلان بمائة دينار ، فاشتروه بثمانين : كان الفاضل ميراثا . وقال محمد : إن سمى من يحج عنه أعطي ذلك كله إلا أن يرضى بدون ذلك بعد علمه بالوصية .

                                                                                                                                                                                        وأرى إن لم يعين من يحج عنه أن يكون الباقي ميراثا ، إلا أن يرى أنه مما يحج عنه به حجتين أو أكثر ، فيصرف الباقي في حج ، إلا أن يكون قصد الميت أن ينفق المستأجر ذلك المال في حجه .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في كتاب محمد فيمن أوصى أن يحج عنه بمائة دينار فاستؤجر من حج بخمسين : فإن كان أوصى لرجل بعينه أخذ الخمسين الباقية ، وإن لم يكن بعينه فليحج بالخمسين الأخرى ، قال : وإن أوصى أن يحج عنه بثلثه [ ص: 1270 ] وهو صرورة دفع جميعه في حجة واحدة ، فإن لم يكن صرورة فاستحسن أن يدفع في حجة ، قال : وإن حج به حججا فلا بأس . وقال ابن القاسم : إن كان الثلث كثيرا أعطي لرجال في حجج . وهذا إذا لم يعين من يحج بثلثه ، فإن عين أعطي جميع الثلث ، وحج عنه حجة واحدة . وهذا مفهوم قول ابن القاسم في الثاني من الوصايا .

                                                                                                                                                                                        وإن لم يبلغ ما سمى من المال ما يحج به من بلد الميت استؤجر من القرب منه هذا إذا لم يسم الموضع الذي يحج عنه منه . واختلف إذا سماه ، فقال ابن القاسم : يرجع المال ميراثا . وفرق بين من سمى ومن لم يسم ، وقال أشهب : [ ص: 1271 ]

                                                                                                                                                                                        يستأجر من أقرب منه . وقال محمد : إن كان صرورة . وقول أشهب أحسن ، وإن لم يكن صرورة كان ميراثا إذا عرفت عزيمة الميت أنه أراد من ذلك الموضع . وقول أشهب أحسن ، وليس محل قوله : إن لم يحمل أن يسقط الحج كره ، وعمرة الوصية الحج بالحج ، وذكر الموضع الذي يحرم منه في معنى المبالغة ، وما يستحسنه . [ ص: 1272 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية