الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في صيد الصبي والمجنون والسكران والكتابي

                                                                                                                                                                                        صيد الكلب والبازي المعلم ذكي إذا كان المرسل ممن تصح ذكاته: ليس بمجنون، ولا سكران، ولا ممن لا يعقل، وقد مضى ذلك في كتاب الذبائح .

                                                                                                                                                                                        وصيد المجوسي حرام غير ذكي قياسا على ذبيحته ، واختلف في صيد الكتابي اليهودي والنصراني على ثلاثة أقوال: بالمنع والكراهة والجواز.

                                                                                                                                                                                        فقال في الكتاب : لا يؤكل لقول الله تعالى: تناله أيديكم ورماحكم [المائدة: 94]. يقول: المراد به المسلم دون غيره .

                                                                                                                                                                                        وذكر ابن المواز عن مالك أنه كرهه .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب وابن وهب : هو ذكي حلال .

                                                                                                                                                                                        قال ابن حبيب : كانا يريانه بمنزلة ذبائحهم، وداخل في عموم قول الله تعالى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم [المائدة: 5] . وهو أحسن; لأنها ذكاة كلها; ولا فرق بين تذكيتهم الإنسي والوحشي، وهو طعام لهم داخل [ ص: 1491 ] في عموم الآية.

                                                                                                                                                                                        وأما قول الله تعالى: تناله أيديكم ورماحكم [المائدة: 94]. فليس المراد بها جنس الصائدين، والمراد بها : ابتلاء المحرم، ليعلم صبره إذا وجده، ووقوفه عنه، ويخافه بالغيب فيما يخفى له، ولا يظهر عليه فيه، كما ابتلي اليهود بالصيد في السبت.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم : إذا اختلف دين الأبوين فكان أحدهما كتابيا والآخر مجوسيا أن الولد على حكم الأب: فإن كان الأب كتابيا أكلت ذبيحته وإن كانت الأم مجوسية . وكذلك صيده على القول أن صيد الكتابي ذكي .

                                                                                                                                                                                        ولا يؤكل صيد المرتد ولا ذبيحته، ارتد إلى المجوسية أو النصرانية، وهذا ظاهر المذهب ، وينبغي إذا ارتد إلى النصرانية أن تؤكل ذبيحته; لأن كونه مما لا يقر على ذلك الدين لا يخرجه عن أن يكون ذلك الوقت كتابيا، ولأنه ممن يتعلق بذلك الدين، وهو ممن يقع عليه اسم نصراني. [ ص: 1492 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية