الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن ذبح أضحية غيره]

                                                                                                                                                                                        وإذا ذبح رجل أضحية رجل بغير أمره تعديا، وليس بولد ولا صديق، ولا ممن يقوم بأمره; لم يجزئه، وكان بالخيار بين أن يضمنه قيمتها، أو يأخذها وما نقصها الذبح.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا ذبحها ولد أو من هو في عياله، قال ابن القاسم : تجزئه وقال أشهب في مدونته: لا تجزئه وقال ابن القاسم في كتاب محمد : لو أن جارا لي انصرف من المصلى، فذبح أضحيتي إكراما لي، فرضيت بذلك; لم تجز . وقال أيضا: إذا كان لصداقة بينهما، أو وثق به أنه ذبحها عنه; أجزأته .

                                                                                                                                                                                        فمضى ابن القاسم في ذلك على أصله فيمن أعتق عن إنسان بغير أمره عن كفارة يمين أو ظهار أنها تجزئه وهو في هذا أبين; لأن ربها نواها قربة، وهو فيها على تلك النية إلى أن ذبحت.

                                                                                                                                                                                        والأصل في ذلك حديث عائشة، قالت: كنا بمنى، فدخل علينا بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قالوا: ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه بالبقر . وعن أشهب على أصله فيمن أعتق عن غيره بغير أمره، أنه لا يجزئه وإذا لم يجزئ كان [ ص: 1563 ] له أن يضمن الذابح، فإن ضمنه أو دفع الفداء، وأخذها، لم تبع للاختلاف فيها أنها تجزئ، وإن كان ذلك على وجه الخطأ; ذبح كل واحد أضحية صاحبه لم تجزئ عن أصحابها .

                                                                                                                                                                                        واختلف هل تجزئ الذابح إذا ضمن، فقال مالك وابن القاسم : لا تجزئ وقال أشهب : تجزئ وقد مضى ذكر ذلك في كتاب الحج الثاني .

                                                                                                                                                                                        ولو أمر ربها رجلا يذبحها له، فنوى الذابح عن نفسه لأجزأت عن صاحبها.

                                                                                                                                                                                        وقد اشترى ابن عمر - رضي الله عنه - شاة من راع، فأنزلها من الجبل، وأمره بذبحها، فذبحها الراعي ، وقال: اللهم تقبل مني. فقال ابن عمر - رضي الله عنه -: ربك أعلم بمن أنزلها من رأس الجبل . وقال أصبغ : لا تجزئه والأول أحسن; لأن المراد من الذابح نية الذكاة لا غير ذلك، والنية في القربة إلى ربها وقد تقدم ذلك. [ ص: 1564 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية