الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الاختلاف في دفع الصداق]

                                                                                                                                                                                        وإن كان أبواها ملكا للزوج، فقال: تزوجتك على أبيك، وقالت على أمي: تحالفا وتفاسخا، وعتق الأب على الزوج بإقراره أنه حر، وكذلك إن نكلا. وإن حلف ونكلت، عتق الأب عليها، ورقت الأم. وإن نكل وحلفت، عتقا جميعا، فيعتق الأب على الزوج بإقراره، والأم على الزوجة؛ لأنها استحقتها باليمين. [ ص: 1988 ]

                                                                                                                                                                                        وإن اختلفا في دفع الصداق قبل البناء، كان القول قول من أنكر القبض من امرأة أو ولي مع يمينه. وإن اختلفا بعد البناء، كان القول قول الزوج إذا كان دخول اهتداء، قال ابن القاسم: مع يمينه، وقال ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب: إن كان قريبا، وجاءت بلطخ، حلف وإن طال، فلا يمين عليه.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في العتبية في امرأة في صداقها خادم ادعى الزوج أنه صالحها منها على دنانير دفعها إليها، وأنكرت، فالزوج مدع، وإن أقرت بالصلح صدق الزوج في دفعه، ولا شيء لها. يريد: إذا بنى؛ لأنه إذا أنكر الصلح، مقرا أنه لم يدفع الخادم مدع عليها أنها باعتها منه، فكان القول قولها أنها لم تبع، ولو اتفقا أن الصلح عنها وكان بعد الدخول، صدقت أنها لم تقبض العوض.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان بعض الصداق يحل بعد الدخول، فلم يدخل حتى حل. فقال مالك: القول قول الزوج أنه دفع قبل أن يدخل. لأنه يقول: لها أن تمتنع من البناء حتى تقبض المؤجل إذا حل قبل، وهي عالمة أن ذلك لها.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن عبد الحكم: له أن يبني بها وتطالبه.

                                                                                                                                                                                        وفي السليمانية: له أن يبني وإن تبين عسره بالمهر قبل البناء. وهو أبين؛ لأنها رضيت أن تسلم نفسها، وتتبع الذمة، ولو باع رجل سلعة بثمن إلى [ ص: 1989 ] أجل فحل الأجل قبل تسليم السلعة، ثم تبين عسر المشتري، كان للبائع ألا يسلمها، بخلاف النكاح؛ لأنه لو كان سلمها كان له الآن أن يرتجعها، فيأخذها في الفلس، وليس كذلك النكاح إذا بنى ثم أعسر بالمهر، لم يكن لها أن تمنع نفسها.

                                                                                                                                                                                        واختلاف ورثة الزوجين أو أحدهما كاختلاف الزوجين، فإن ماتت قبل الدخول كان القول قول ورثتها مع أيمانهم أنها لم تقبضه، إلا أن يقولوا: لا علم لنا، ولا يدعى عليهم العلم، فيكون لهم قبضه بغير يمين. وإن مات الزوج بعد البناء وقالت: لم أقبض المقدم، كان القول قول ورثته مع أيمانهم. فإن قالوا: لا علم لنا وكانوا ممن لا يخالطه برئوا بغير يمين، فليس الولد كالعصبة. وإن مات الزوجان كان القول قول ورثتها إن ماتت قبل البناء، والقول قول ورثته إن مات بعده.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية