الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويوصل الماء إلى منابت الشعور الأربعة الحاجبان والشاربان والعذاران والأهداب لأنها خفيفة في الغالب .

والعذاران هما ما يوازيان الأذنين من مبدإ اللحية .

ويجب إيصال الماء إلى منابت اللحية الخفيفة أعني ما يقبل من الوجه وأما الكثيفة فلا .

التالي السابق


ثم لما فرغ المصنف من بيان حد الوجه عاد إلى الكلام على الشعور النابتة عليه فقال (ويوصل الماء) ، أي : يجب إيصال الماء (إلى منابت الشعور الأربعة) النابتة عليه والشعور قسمان حاصلة في حد الوجه وخارجة عنه والقسم الأول على ضربين أحدهما ما تندر فيه الكثافة وهي (الحاجبان والشاربان والأهداب والعذاران) فهذه الشعور يجب غسلها ظاهرا وباطنا كالسلعة الناتئة على محل الفرض ويجب غسل البشرة تحتها ؛ لأنها من الوجه ولا عبرة بحيلولة الشعر لأمرين أظهرهما (لأنها خفيفة في الغالب) فيسهل إيصال الماء إلى منابتها ، وإن فرضت فيها كثافة على سبيل الندرة فالنادر ملحق بالغالب ، والثاني أن بياض الوجه محيط بها إما من جميع الجوانب كالحاجبين والأهداب ، وإما من أحد الجانبين كالعذارين والشاربين فيجعل موضعهما تبعا لما يحيط بها ويعطى حكمه واقتصاره على ذكر المنابت ليس لأن الشعور لا تغسل ، بل إذا وجب غسل المنابت وجب غسل الشعور بطريق الأولى ففي ذكر المنابت تنبيه عليها فافهم والحاجبان مثنى حاجب وهما العظمان فوق العينين بالشعر واللحم قاله ابن فارس والجمع حواجب والشاربان مثنى شارب الشعر الذي يسيل على الفم قال أبو حاتم : لا يكاد يثنى ، وقال أبو عبيدة : قال الكلابيون : شاربان باعتبار الطرفين والجمع شوارب والأهداب جمع هدب وهدب العين بالضم ما نبت من الشعر على أشفارها والجمع أهداب كقفل وأقفال (والعذاران) مثنى العذار بالكسر الشعر النازل على اللحيين ، وقال المصنف : (هما ما يوازيان) ، أي : يقابلان (الأذنين من مبتدأ اللحية) ، وقال الرافعي : العذار هو القدر المجاور للأذن يتصل من أعلى بالصدغ ومن الأسفل بالعارض وأشار المصنف إلى الضرب الثاني ، وهو ما لا تندر فيه الكثافة ، وهو شعر الذقن والعارضين والعارض ما ينحط عن القدر المحاذي للآذان فقال (ويجب إيصال الماء إلى منابت اللحية الخفيفة [ ص: 358 ] أعني ما يقبل من الوجه) ، أي : إن كانت اللحية خفيفة وجب غسل منابتها مع البشرة تحتها كالشعور الخفيفة غالبا (وأما الكثيفة) منها (فلا) يجب إلا غسل ظاهرها فقط لما روي أنه صلى الله عليه وسلم توضأ فغرف غرفة فغسل بها وجهه ، وكان صلى الله عليه وسلم كث اللحية ولم يبلغ ماء الغرفة الواحدة أصول الشعر مع الكثافة ، والمعنى فيه عسر إيصال الماء إلى المنابت مع الكثافة الغير النادرة ، قال الرافعي : وحكي فيه قول قديم أنه يجب غسل البشرة تحته ؛ لأنها من الوجه ، وهذا شعر نابت عليه ، ومنهم من يحكيه وجها ، وهو قول المزني قلت : ويوافقه سياق ما في كتب أصحابنا حيث قالوا يجب غسل ظاهر اللحية الكثة في أصح ما يفتى به ؛ لأنها قامت مقام البشرة فتحول الفرض إليها وما قيل غير ذلك من الاكتفاء بثلثها أو ربعها أو مسح كلها أو غيره متروك ويجب إيصال الماء إلى بشرة اللحية الخفيفة في المختار لبقاء المواجهة بها وعدم عسر غسلها اهـ .

قال الرافعي : ويستثنى من اللحية الكثيفة إذا خرجت للمرأة لحية كثيفة فيجب إيصال الماء إلى منابتها ؛ لأن أصل اللحية لها نادر فكيف نصفه بالكثافة ، وكذلك لحية الخنثى المشكل إذا لم نجعل نبات اللحية مزيلا للإشكال .




الخدمات العلمية