الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن نوى ليلا ثم أكل لم تفسد نيته ولو نوت امرأة في الحيض ثم طهرت قبل الفجر صح صومها .

الثالث : الإمساك عن إيصال شيء إلى الجوف عمدا مع ذكر الصوم فيفسد صومه بالأكل والشرب والسعوط

التالي السابق


(لو نوى ليلا ثم أكل أو جامع لم تفسد نيته ) على المذهب وحكي عن أبي إسحاق بطلانها ووجوب تجديدها وأنكر ابن الصباغ نسبة هذا إلى أبي إسحاق وقال الإمام رجع أبو إسحاق عن هذا عام حج وأشهد على نفسه فإن ثبت أحد هذين فلا خلاف في المسألة ولو نوى ونام وانتبه والليل باق لم يجب تجديد النية على الصحيح قال الإمام : وفي كلام العراقيين تردد في كون الغفلة كالنوم (و) من المسائل المتعلقة بقيد الجزم ما (لو نوت الحائض) صوم الغد قبل أن ينقطع دمها (ثم) انقطع بالليل و (طهرت) هل يصح صومها إن كانت مبتدأة يتم لها بالليل أكثر الحيض أو معتادة عادتها أكثر الحيض وهو يتم بالليل (صح صومها) وإن أخرت غسلها حتى تصبح أو حتى تطلع الشمس وإن كانت معتادة عادتها دون الأكثر وكانت تتم بالليل فوجهان : أظهرهما : أنه يصح لأن الظاهر استمرار عادتها والثاني : لا ؛ لأنها قد تخلف وإن لم تكن لها عادة وكانت لا تتم أكثر الحيض بالليل أو كانت لها عادات مختلفة لم يصح الصوم وقال عبد الملك بن الماجشون ومحمد بن مسلمة عن مالك أنه متى انقطع دمها في وقت يمكنها فيه الاغتسال والفراغ منه قبل طلوع الفجر فإن صومها صحيح وإن انقطع دمها في وقت يضيق عن غسلها وفراغها منه إلى أن يطلع الفجر لم يصح صومها (الثالث : الإمساك عن إيصال الشيء) أي : إدخاله (إلى الجوف) وقد ضبطوا الداخل الذي يفطر بالعين الواصل من الظاهر إلى الباطن في منفذ مفتوح (عمدا) أي : عن قصد (مع ذكر الصوم) وفيه قيود منها الباطن الواصل إليه وفيما يعتبر فيه وجهان مفهومان من كلام الأئمة تعريضا وتصريحا :

أحدهما : أن المعتبر ما يقع عليه اسم الجوف .

والثاني : يعتبر معه أن تكون فيه قوة تحيل الواصل إليه من غذاء أو دواء وهذا هو الذي أورده المصنف في الوجيز ولكن الموافق لتفريع الأكثرين هو الأول على ما سيأتي ويدل عليه أنهم جعلوا الحلق كالجوف في بطلان الصوم بوصول الواصل ، ذكره في التهذيب وحكاه الحناطي عن نص ابن القاص وأورد الإمام أيضا أنه إن جاوز الشيء الحلقوم فطر ومن المعلوم أنه ليس في الحلق قوة الإحالة (فيفسد صومه بالأكل والشرب والسعوط ) إذا وصل إلى الدماغ وهو بالضم مصدر وهو المراد هنا وأما بالفتح فاسم ما يصب من الأنف حتى يصل إلى الدماغ دواء أو غيره وقد سعط واستعط وأسعطه الدواء يتعدى إلى مفعولين وبه قال أبو حنيفة وأحمد أي : إذا استعاط بدهن أو غيره فوصل إلى دماغه وإن لم يصل إلى حلقه وقال مالك متى وصل إلى دماغه ولم يصل إلى حلقه منه شيء لم يفطر واعلم أن ما جاوز الخيشوم في الاستعاط فقد حصل في [ ص: 208 ] حد الباطن وداخل الفم والأنف إلى منتهى الخيشوم والغلصمة له حكم الظاهر من بعض الوجوه حتى ولو خرج إليه القيء أو ابتلع منه نخامة بطل صومه ولو أمسك فيه شيئا لم يبطل ولو نجس وجب غسله وله حكم الباطن من حيث إنه لو ابتلع منه الريق لا يبطل صومه ولا يجب غسله على الجنب قاله الرافعي .




الخدمات العلمية