الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الورد الثاني : ما بين طلوع الشمس إلى ضحوة النهار ، وأعني بالضحوة منتصف ما بين طلوع الشمس إلى الزوال وذلك بمضي ثلاث ساعات من النهار إذا فرض النهار اثنتي عشرة ساعة وهو الربع وفي هذا الربع من النهار وظيفتان زائدتان : إحداهما صلاة الضحى ، وقد ذكرناها في كتاب الصلاة وأن الأولى أن يصلي ركعتين عند الإشراق وذلك إذا انبسطت الشمس وارتفعت قدر نصف رمح ويصلي أربعا أو ستا أو ثمانيا إذا رمضت الفصال وضحيت الأقدام بحر الشمس فوقت الركعتين هو الذي أراد الله تعالى بقوله : يسبحن بالعشي والإشراق فإنه وقت إشراق الشمس ، وهو ظهور تمام نورها بارتفاعها عن موازات البخارات والغبارات التي على وجه الأرض فإنها تمنع إشرافها التام

التالي السابق


( الورد الثاني: ما بين طلوع الشمس إلى ضحوة النهار، وأعني بالضحوة منتصف ما بين طلوع الشمس والزوال) وذلك هو الضحى الأعلى ( وذلك بمضي ثلاث ساعات) زمانية ( من النهار) وهو في عرف الناس من طلوع الشمس إلى غروبها، وعند أهل اللغة: من طلوع الفجر إلى الغروب، وهو مرادف لليوم ( إذا فرض النهار اثنتي عشرة ساعة وهو الربع) من ضرب ثلاثة في أربعة، وإذا أطلق النهار في الفروع انصرف إلى اليوم، نحو: صم نهار الأحد، مثلا، وهل يحمل على الحقيقة اللغوية أو على العرف؛ لأن الشيء لا يضاف إلى مرادفه وجهان مطردان في كل صورة يضاف فيها النهار إلى اليوم، كأن حلف: لا يسافر أو لا يأكل يوم كذا .

( وفي هذا الربع من النهار وظيفتان زائدتان: إحداهما صلاة الضحى، وقد ذكرنا في كتاب الصلاة أن الأولى أن يصلي ركعتين عند الإشراق) أي: إشراق الشمس ( وذلك إذا انبسطت الشمس) على الأرض ( وارتفعت) عن الأفق ( قيد) بالكسر، أي: قدر ( نصف رمح) من رماح العرب، وهي المتوسطة بين الطويلة والقصيرة .

وفي العوارف: قيد رمح، وتسمى هذه الصلاة صلاة الإشراق، قال صاحب العوارف: وبهاتين الركعتين تبين رعاية هذا الوقت، فإذا صلى الركعتين بجمع هم، وحضور فهم، وحسن تدبر لما يقرأ، يجد في باطنه أثرا ونورا وروحا وأنسا إذا كان صادقا، والذي يجده من البركة ثواب معجل له على عمله هذا .

قال: وأحب أن يقرأ في هاتين الركعتين في الأولى آية الكرسي، وفي الأخرى آمن الرسول و الله نور السماوات والأرض الآية، وتكون نيته فيهما الشكر لله تعالى في يومه وليلته اهـ .

وقال مشايخنا النقشبندية: يصليهما بنية الإشراق، يقرأ في كل ركعة منهما بعد الفاتحة الإخلاص ثلاثا. اهـ .

( ويصلي أربعا) بتسليمتين ( أو ستا) بثلاث تسليمات ( أو ثمانيا) بأربع تسليمات، واقتصر صاحب القوت على ثمان، وأقلها ركعتان، وأكثرها اثنتا عشرة ركعة، وقد تقدم اختلاف العلماء في ذلك في كتاب الصلاة .

( إذا رمضت الفصال) وهو أن ينام الفصيل في ظل أمه عند حر الشمس، وهذا هو وقت الضحى ( و) قيل: إذا ( ضحيت الأقدام بحر الشمس فوقت الركعتين هو الذي أراد الله بقوله سبحانه: يسبحن بالعشي والإشراق فإنه وقت إشراق الشمس، وهو ظهور تمام نورها بارتفاعها عن موازاة) أي: مقابلة ( البخارات) الصاعدة من الأرض ( والقتارات) القتار بالضم الغبار المرتفع ( التي على وجهه الأرض) سواء بتحريك الرياح أو غيره ( فإنها تمنع إشراقها التام) فلا يظهر لها إلا نور مكدر .




الخدمات العلمية