الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومنزلة الضحى بين الزوال والطلوع كمنزلة العصر بين الزوال والغروب إلا أن الضحى لم تفرض لأنه وقت انكباب الناس على أشغالهم فخفف عنهم .

الوظيفة الرابعة في هذا الوقت : الأقسام الأربعة وزيد أمران أحدهما الاشتغال بالكسب وتدبير المعيشة وحضور السوق فإن كان تاجرا فينبغي أن يتجر بصدق وأمانة وإن كان صاحب صناعة فبنصح وشفقة ولا ينسى ذكر الله تعالى في جميع أشغاله ويقتصر من الكسب على قدر حاجته ليومه مهما قدر على أن يكتسب في كل يوم لقوته فإذا حصل كفاية يومه فليرجع إلى بيت ربه وليتزود لآخرته ؛ فإن الحاجة إلى زاد الآخرة أشد ، والتمتع به أدوم فاشتغاله بكسبه أهم من طلب الزيادة على حاجة الوقت فقد قيل : لا يوجد المؤمن إلا في ثلاث مواطن : مسجد يعمره أو بيت يستره أو حاجة لا بد له منها

التالي السابق


( ومنزلة الضحى بين الزوال والطلوع كمنزلة العصر بين الزوال والمغرب) وقال صاحب العوارف: فإذا ارتفعت الشمس وتنصف الوقت من صلاة الصبح إلى الظهر كما ينتصف العصر بين الظهر والمغرب يصلي الضحى، فهذا الوقت أفضل الأوقات لصلاة الضحى. اهـ .

( إلا أن الضحى لم يفترض) على الأمة كما افترضت العصر ( لأنه وقت إكباب الناس) وفي نسخة: انكباب الناس، أي: اجتماعهم ( على أشغالهم) الدنيوية؛ من بيع وشراء ومعاملات وقضاء حاجات ( فخفف عنهم) رحمة بهم، وفي قول: إنها كانت فرضا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وحده، وتقدم تفصيله في كتاب الصلاة .

( فالوظيفة في هذا الوقت: الأقسام الأربعة) المذكورة من صلاة وتلاوة وذكر وفكر ( ويزيد أمران) آخران ( أحدهما الاشتغال بالكسب) إن كان من أهله ( وتدبير المعاش) وإصلاحه ومرمته فيما يتعيش به في دنياه ( وحضور السوق) للبيع والشراء، كل ذلك فيما ندب إليه أو أبيح له ( فإن كان تاجرا فينبغي أن يتجر بصدق وأمانة) فإن أضر ما على التاجر الكذب والخيانة ( وإن كان صاحب صناعة فبنصح) فيها ( وشفقة) على خلق الله تعالى؛ فإن النصح والشفقة مراعاتهما مما يورث البركة في الصناعة والتجارة .

( ولا ينسى ذكر الله -عز وجل- في جميع أشغاله) ليكون جامعا بين العبادتين، ويكون ممن قال الله في حقهم: لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ( و) يستحب له أن ( يقتصر من الكسب) وهو ما يتحراه الإنسان مما فيه جلب نفع ودفع مضرة ( على قدر حاجته لنفسه) إن كان منفردا أو له ولعياله إن كان متأهلا صاحب دائرة ( ليومه) أي: لكفاية قوت يومه ( مهما قدر على أن يكتسب في كل يوم لقوته) وقوت عياله، وإن أمكن أن يكتسب قوت يومين أو ثلاثة أو أكثر فيجعل بقية أيامه للذكر والعبادة فلا بأس .

( فإذا حصلت كفاية يومه) أو أيامه ( فليرجع إلى بيت ربه عز وجل) أي: المسجد، أو خلوته في منزله، وليكتف بما حصله ( وليتزود لآخرته؛ فإن الحاجة إلى زاد الآخرة أشد، والتمتع به أدوم) وأمور الدنيا هينة، يكتفى بها بأقل شيء، ويمضي الوقت، وإنما العاقل الذي يهتم لأمر المعاد الذي هو غائب عن عينه ( و) يرى ويتحقق ( أن الاشتغال بكسبه أهم من طلب الزيادة على حاجة الوقت فقد) كان الصالحون كذلك يفعلون؛ ولهذا ( قيل: لا ينبغي أن يوجد المؤمن إلا في [ ص: 143 ] ثلاثة مواطن: مسجد يعمره) أي: بالصلاة والذكر والمراقبة ( أو بيت يستره) ممن لا يجب أن يراه ( أو حاجة لا بد له منها) هكذا نقله صاحب القوت، وهو في الحلية أيضا .




الخدمات العلمية