الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
العقد الثاني :

عقد الربا .

وقد حرمه الله تعالى ، وشدد الأمر فيه

التالي السابق


(العقد الثاني: عقد الربا)

تكلم المصنف في العقد الأول على الأركان، والشروط، أوجب النظر في أسباب الفساد، وفساده تارة يكون لإخلال في الأركان، أو بعض شروطها، وإذا عرفت اعتبارها، عرفت أن فقدها مفسد، وتارة يكون لغيره من الأسباب، كما في هذا العقد .

الربا، وهو في اللغة: الفضل والزيادة، وهو مقصور على المشهور، ويثنى ربوان بالواو، على الأصل، وقد يقال ربيان، على التخفيف، وينسب إليه على لفظه، فيقال: ربوي، قاله أبو عبيدة، وزاد المطرزي، فقال: الفتح في النسبة خطأ، وربا الشيء، يربو، إذا زاد، ومنه الربوة للمكان المرتفع عن الأرض .

وهو محرم، بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، وإليه أشار المصنف بقوله: (وقد حرمه الله تعالى، وشدد فيه) قال تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا ، وقال تعالى: وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ، وأما السنة: فما روي عن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم، لعن آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: صحيح، وعند البخاري، وأحمد: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء. وروى أحمد، عن عبد الله بن حنظلة، غسيل الملائكة، مرفوعا: درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية. وروى الإمام الشافعي في المختصر، فقال: أخبرنا عبد الوهاب، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن مسلم بن يسار، ورجل آخر، عن عبادة بن الصامت، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق، ولا البر بالبر، ولا الشعير بالشعير، ولا التمر بالتمر، ولا الملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينا بعين، يدا بيد، ولكن بيعوا الذهب بالورق، والورق بالذهب، والبر بالشعير، والشعير بالبر، والتمر بالملح، والملح بالتمر، كيف شئتم. قال: ونقص بعضهم: التمر، أو الملح، وزاد الآخر: فمن زاد أو استزاد فقد أربى. وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على تحريمه، حتى يكفر جاحده .




الخدمات العلمية