الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ومهما احتاج المريد إلى النكاح فلا ينبغي أن يترك شرط الإرادة في ابتداء النكاح ودوامه ، أما في ابتدائه فبالنية الحسنة وفي دوامه بحسن الخلق وسداد السيرة والقيام بالحقوق الواجبة ، كما فصلنا جميع ذلك في كتاب آداب النكاح فلا نطول بإعادته وعلامة صدق إرادته أن ينكح فقيرة متدينة ولا يطلب الغنية قال بعضهم : من تزوج غنية كان له منها خمس خصال ; مغالاة الصداق وتسويف الزفاف وفوت الخدمة وكثرة النفقة وإذا أراد طلاقها لم يقدر ؛ خوفا على ذهاب مالها والفقيرة بخلاف ذلك وقال بعضهم : ينبغي أن تكون المرأة دون الرجل بأربع ، وإلا استحقرته بالسن والطول والمال والحسب وأن تكون فوقه بأربع ; بالجمال والأدب والورع والخلق .

التالي السابق


(ومهما احتاج إلى النكاح فلا ينبغي أن يترك شرط الإرادة في ابتداء النكاح ودوامه ، أما في ابتدائه فبالنية الحسنة) لا يعرض له ما يخالفها، (وفي دوامها بحسن الخلق وسداد السيرة) الباطنة والظاهرة، (والقيام بالحقوق والواجبات التي أوجب الله تعالى عليه للمرأة، كما فصلناه في كتاب النكاح) في باب حقوق الزوجة على الزوج، (فلا نطول) الكتاب (بإعادته) ثانيا، (وعلامة صدق إرادته) مع الله تعالى، (أن ينكح فقيرة) ، أي: قليلة المال والأثاث (متدينة) ، أي: ذات حسب ودين، ولا يطلب الغنية ولا الجميلة. (قال بعضهم: من تزوج غنية كان له منها خمس خصال; مغالاة المهر) ، أي: تطلب مهرا كثيرا، (وتسويف الزفاف) ، أي: تأخيره، وربما يواعده أهلها ويخلفون في وعدهم، فيكون المريد في حيرة شديدة، (وفوت الخدمة) فإن الغنية تأبى عن الخدمة وتأنف أن تكنس البيت وتباشر مهماته بيدها، (وكثرة النفقة) ، فهذه أربعة، (و) الخامسة (إذا أراد طلاقها لم يقدر؛ خوفا على مالها) من متأخر الصداق، (والفقيرة بخلاف ذلك) ، فإن مؤنتها يسيرة وخدمتها كثيرة .

(وقال بعضهم: ينبغي أن تكون المرأة دون الرجل بأربع ، وإلا استحقرته) في عينها، (بالسن) ، فتكون أصغر سنا من الرجل، (والطول) أي: تكون أقصر من الرجل في القامة، (والمال) ، أي: تكون أقل مالا من الرجل، (والحسب) أي: تكون أقل حسبا من الرجل، والحسب شرف الآباء، وفي ضد هؤلاء الأربعة تستحقر الرجل، فتقول: أنا أكبر منك، أنا أطول منك، أنا أغنى منك، أنا أشرف منك، وكل ذلك مما يشوش قلب الرجل، وربما أدى إلى الفراق، فإذا وجد في الرجل شيء من ذلك، فلا ينبغي أن يفاتحها به، فإنه يكون سبب الغم بينهما، وقد أمرنا بكتم السن لأجل ذلك، فإنك إن قلت: سني كذا، وكان قليلا، استحقرتك، وإن قلت: إنك كبير استخرفتك، (وأن تكون فوقه بأربع; بالجمال والأدب والخلق والورع) ، وهذه الأربعة مما توجب ميل الرجل إليها، ويطمئن قلبه من طرفها. وفي القوت: فإن عزم العبد على النكاح فلا يكن همه من النكاح إلا ذات الدين والصلاح والعقل والقناعة، ففي الخبر: "عليك بذات الدين" ، فنكاح المرأة للدين والصلاح طريق من الآخرة، والرغبة في المرأة الناقصة الخلق الدنية الصورة الكبيرة السن، باب من الزهد، والفقيرة خفيفة المؤنة، ترضى باليسير، والغنية تشتهي عليه الشهوات، فيتمرط على دينه .




الخدمات العلمية