الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما ما يمكن إسراره كالصدقة والصلاة فإن كان إظهار الصدقة يؤذي المتصدق عليه ويرغب الناس في الصدقة فالسر أفضل ؛ لأن الإيذاء حرام .

فإن لم يكن فيه إيذاء فقد اختلف الناس في الأفضل ، فقال قوم : السر أفضل من العلانية وإن كان في العلانية قدوة وقال قوم : السر أفضل من علانية لا قدوة فيها ، أما العلانية للقدوة فأفضل من السر .

ويدل على ذلك أن الله عز وجل أمر الأنبياء بإظهار العمل للاقتداء وخصهم بمنصب النبوة ولا يجوز أن يظن بهم أنهم حرموا أفضل العملين .

ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم فله أجرها وأجر من عمل بها وقد روي في الحديث :

إن عمل السر يضاعف على عمل العلانية سبعين ضعفا ، ويضاعف عمل العلانية إذا استن بعامله على عمل السر سبعين ضعفا . .

وهذا لا وجه للخلاف فيه ؛ فإنه مهما انفك القلب عن شوائب الرياء وتم الإخلاص على وجه واحد في الحالتين فما يقتدى به أفضل لا محالة ، وإنما يخاف من ظهور الرياء ، ومهما حصلت شائبة الرياء لم ينفعه اقتداء غيره ، وهلك به ، فلا خلاف في أن السر أفضل منه .

ولكن على من يظهر العمل وظيفتان :

إحداهما : أن يظهره حيث يعلم أنه يقتدى به أو يظن ذلك ظنا ورب رجل يقتدي به أهله دون جيرانه وربما يقتدي به جيرانه دون أهل السوق وربما يقتدي به أهل محلته وإنما العالم المعروف هو الذي يقتدي به الناس كافة .

فغير العالم إذا أظهر بعض الطاعات ربما نسب إلى الرياء والنفاق ، وذموه ، ولم يقتدوا به ، فليس له الإظهار من غير فائدة ، وإنما يصح الإظهار بنية القدوة ممن هو في محل القدوة على من هو في محل الاقتداء به .

والثانية : أن يراقب قلبه فإنه ربما يكون فيه حب الرياء الخفي فيدعوه الإظهار بعذر الاقتداء وإنما شهوته التجمل بالعمل ، وبكونه مقتدى به وهذا حال كل من يظهر أعماله إلا الأقوياء المخلصين وقليل ما هم .

فلا ينبغي أن يخدع الضعيف نفسه بذلك فيهلك ، وهو لا يشعر فإن الضعيف مثاله مثال الغريق الذي يحسن سباحة ضعيفة ، فنظر إلى جماعة من الغرقى فرحمهم فأقبل عليهم حتى تشبثوا به فهلكوا وهلك والغرق بالماء في الدنيا ألمه ساعة وليت كان الهلاك بالرياء مثله ، لا ، بل عذابه دائم مدة مديدة وهذه مزلة أقدام العباد والعلماء ؛ فإنهم يتشبهون بالأقوياء في الإظهار ولا تقوى قلوبهم على الإخلاص ، فتحبط أجورهم بالرياء والتفطن لذلك غامض ومحك ذلك أن يعرض على نفسه أنه لو قيل له أخف : العمل حتى يقتدي الناس بعابد آخر من أقرانك ويكون لك في السر مثل أجر الإعلان ، فإن مال قلبه إلى أن يكون هو المقتدى به وهو المظهر للعمل فباعثه الرياء دون طلب الأجر ، واقتداء الناس به ، ورغبتهم في الخير ؛ فإنهم قد رغبوا في الخير بالنظر إلى غيره ، وأجره قد توفر عليه مع إسراره فما بال قلبه يميل إلى الإظهار ؟! لولا ملاحظته لأعين الخلق ومراءاتهم ، فليحذر العبد خدع النفس فإن النفس خدوع ، والشيطان مترصد وحب الجاه على القلب غالب ، وقلما تسلم الأعمال الظاهرة عن الآفات ، فلا ينبغي أن يعدل بالسلامة شيئا والسلامة في الإخفاء وفي الإظهار من الأخطار ما لا يقوى عليه أمثالنا ، فالحذر من الإظهار أولى بنا ، وبجميع الضعفاء .

القسم الثاني : أن يتحدث بما فعله بعد الفراغ ، وحكمه حكم إظهار العمل نفسه ، والخطر في هذا أشد ؛ لأن مؤنة النطق خفيفة على اللسان ، وقد تجري في الحكاية زيادة ومبالغة ، وللنفس لذة في إظهار الدعاوى عظيمة ، إلا أنه لو تطرق إليه الرياء لم يؤثر في إفساد العبادة الماضية بعد الفراغ منها فهو من هذا الوجه أهون ، والحكم فيه أن من قوي قلبه وتم إخلاصه ، وصغر الناس في عينه ، واستوى عنده مدحهم وذمهم وذكر ذلك عند من يرجو الاقتداء به والرغبة في الخير بسببه ، فهو جائز ، بل هو مندوب إليه ، إن صفت النية ، وسلمت عن جميع الآفات ؛ لأنه ترغيب في الخير ، والترغيب في الخير خير ، وقد نقل مثل ذلك عن جماعة من السلف الأقوياء .

قال سعد بن معاذ « ما صليت صلاة منذ أسلمت فحدثت نفسي بغيرها ، ولا تبعت جنازة فحدثت نفسي بغير ما هي قائلة ، وما هو مقول لها ، وما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قولا قط إلا علمت أنه حق .

». وقال عمر رضي الله عنه « ما أبالي أصبحت على عسر أو يسر ؛ لأني لا أدري أيهما خير لي » وقال ابن مسعود « ما أصبحت على حال فتمنيت أن أكون على غيرها » .

وقال عثمان رضي الله عنه ما تغنيت ، ولا تمنيت ، ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال شداد بن أوس ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت حتى أزمها وأخطمها غير هذه، وكان قد قال لغلامه: ائتنا بالسفرة لنعبث بها حتى ندرك الغذاء، وقال أبو سفيان لأهله حين حضره الموت: لا تبكوا علي؛ فإني ما أحدثت ذنبا منذ أسلمت، وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ما قضى الله تعالى في بقضاء قط فسرني أن يكون قضى لي بغيره، وما أصبح لي هوى إلا في مواقع قدر الله، فهذا كله إظهار لأحوال شريفة .

التالي السابق


(وأما ما يمكن إسراره) أي: إخفاؤه (كالصدقة والصلاة فإن كان إظهار الصدقة يؤذي المتصدق عليه ويرغب الناس في الصدقة فالسر أفضل؛ لأن الإيذاء حرام) فيغلب جانبه على جانب الترغيب عند التعارض .

(وإن لم يكن فيه إيذاء فقد اختلف الناس في الأفضل، فقال قوم: السر أفضل من العلانية) ومعه يكون تكفير [ ص: 303 ] السيئات (وإن كان في العلانية قدوة) لأمثاله .

(وقال قوم: السر أفضل من علانية لا قدوة فيها، أما العلانية للقدوة) أي: لأجل أن يقتدى به ويستشرف له أمثاله (فأفضل من السر، ويدل على ذلك أن الله -عز وجل- أمر أنبياءه) عليهم السلام (بالإظهار للعمل للاقتداء) بهم (وخصهم بمنصب النبوة) واجتباهم به (ولا يجوز أن نظن بهم أنهم حرموا أفضل العملين، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم) في الحديث السابق: "من سن سنة حسنة (فله أجرها وأجر من عمل بها) من غير أن ينقص من أجورهم شيء" .

(وقد روي في بعض الحديث: "إن عمل السر يضاعف على عمل العلانية بسبعين ضعفا، ويضاعف عمل العلانية إذا استن بعامله على عمل السر بسبعين ضعفا") .

قال العراقي: رواه البيهقي في الشعب من حديث أبي الدرداء، مقتصرا على الشطر الأول بنحوه، وقال: هذا من أفراد بقية عن شيوخه المجهولين، وقد تقدم قبل هذا قريبا .

وله من حديث ابن عمر: "عمل السر أفضل من عمل العلانية، والعلانية أفضل لمن أراد الاقتداء" وقال: تفرد به بقية، عن عبد الملك بن مهران.

وله من حديث عائشة: "يفضل أو يضاعف الذكر الخفي الذي لا يسمعه الحفظة على ما تسمعه بسبعين ضعفا" وقال: تفرد به معاوية بن يحيى الصدفي، وهو ضعيف. اهـ .

قلت: أما حديث أبي الدرداء فلفظه عند الديلمي في مسند الفردوس: "إن الرجل ليعمل عملا سرا فيكتبه الله عنده سرا، فلا يزال الشيطان حتى يتكلم به فيمحى من السر فيكتب علانية، فإن عاد فتكلم الثانية محي عن السر والعلانية، وكتبه رياء" .

ولفظه عند البيهقي: "إن الرجل ليعمل العمل فيكتب له عمل صالح معمول به في السر، يضعف أجره سبعين ضعفا" هذا أوله، والباقي كسياق الديلمي، وقد تقدمت الإشارة إليه في بيان فهم الرياء في أول الشطر الثاني من هذا الكتاب .

وأما حديث عائشة فرواه كذلك ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص، وتقدمت الإشارة إليه .

وأما حديث ابن عمر فقد رواه كذلك الديلمي في مسند الفردوس، ولفظه: "السر أفضل من العلانية، ولمن أراد الاقتداء العلانية أفضل من السر" وفيه محمد بن الحسين السلمي، قال الذهبي: قال الخطيب: قال محمد بن القطان: كان يضع للصوفية الحديث، وبقية قال الذهبي: صدوق، ولكنه يروي عمن دب ودرج، فكثرت العجائب والمناكير في حديثه، وعثمان بن زائدة أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: له حديث منكر، وفي اللسان: عثمان بن زائدة عن نافع عن ابن عمر حديثه غير محفوظ، قاله العقيلي، وساق له هذا الخبر .

(وهذا وجه للخلاف فيه؛ فإنه مهما انفك القلب عن شوائب الرياء) وسلم منه (وتم الإخلاص على وجه واحد في الحالتين فما يقتدى به أفضل لا محالة، وإنما يخاف من ظهور الرياء، ومهما حصل شائبة الرياء لم ينفعه اقتداء غيره، وهلك به، فلا خلاف في أن السر أفضل منه، ولكن على من يظهر العمل وظيفتان:

إحداهما: أن يظهره حيث يعلم أنه يقتدى به) علما حاصلا له به في الحال (أو يظن ذلك ظنا) ففي الحالتين له الإظهار (وربما يقتدي به أهل محلته) فقط (وإنما العالم المعروف هو الذي يقتدي به الناس كافة) في بلده ومن الواردين عليه .

(فغير العالم إذا أظهر بعض الطاعات ربما نسب إلى الرياء والنفاق، وذموه، ولم يقتدوا به، فليس له الإظهار من غير فائدة، وإنما يصح الإظهار بنية القدوة ممن هو في محل القدوة على من هو في محل الاقتداء به .

الثانية: أن يراقب قلبه في أنه ربما يكون فيه حب الرياء الخفي) المستكن في الضمير (فيدعوه إلى الإظهار بعذر الاقتداء) أي: يقول: إنما أظهره ليقتدي بي الناس، وهذا عذري (وإنما شهوته التجمل بالعمل، وبكونه مقتدى به) فيحتاج إلى المراقبة في ذلك، فإن وجد في نفسه شيئا من ذلك لم يجز له الإظهار أصلا .

(وهذا حال كل من يظهر أعماله) فإنه لا يخلو من حب الرياء الخفي (إلا الأقوياء المخلصين) الذين يتوقون من ذلك (وقليل ما هم، فلا ينبغي أن يخدع الضعيف نفسه بذلك فيهلك، وهو لا يشعر) بهلاكه .

(فإن الضعيف مثاله مثال الغريق [ ص: 304 ] الذي يحسن سباحة ضعيفة، فنظر إلى جماعة غرقى) مثله (فرحمهم) فأشفق لهم (فأقبل عليهم حتى تثبتوا به) فهلكوا وهلك معهم (والغرق بالماء في الدنيا ألمه ساعة) ثم يرتاح (وليت كان الهلاك بالرياء مثله، لا، بل عذابه دائم) مقيم (مدة مديدة) أي: طويلة (وهذه مزلة أقدام العباد والعلماء؛ فإنهم يتشبهون بالأقوياء في الإظهار ولا تقوى قلوبهم على الإخلاص، فتحبط أجورهم بالرياء) فيهلكون (والتفطن لذلك غامض) أي: خفي المدرك .

(ومحل ذلك أن يعرض على نفسه أنه لو قيل له: اخف العمل حتى يقتدي الناس بعابد آخر من أقرانك) وأمثالك (ويكون لك في السر مثل أجر الإعلان، فإن مال قلبه أن يكون هو المقتدى به) دون غيره (وهو المظهر للعمل فباعثه الرياء دون طلب الأجر، واقتداء الناس به، ورغبتهم في الخير؛ فإنهم قد رغبوا في الخير بالنظر إلى غيره، وأجره قد توفر عليه مع إسراره) أي: إخفائه (فما بال قلبه يميل إلى الإظهار؟! لولا ملاحظته لأعين الخلق ومراءاتهم، فليحذر العبد خدع النفس) ومكرياتها (فإن النفس خدوع، والشيطان) طلاع (مترصد) لأن يوقعك (وحب الجاه على القلب غالب، وقلما تسلم الأعمال الظاهرة من الآفات، فلا ينبغي أن يعدل بالسلامة شيئا) فإنها غنيمة الأكياس (والسلامة في الإخفاء) محققة (وفي الإظهار من الأخطار ما لا يقوى عليه أمثالنا، فالحذر من الإظهار أولى بنا، وبجميع الضعفاء أمثالنا .

القسم الثاني: أن يحدث بما فعله بعد الفراغ، وحكمه حكم إظهار العمل نفسه، والخطر في هذا أشد؛ لأن مؤنة النطق خفيفة على اللسان، وقد يجري في الحكاية زيادة ومبالغة، وللنفس لذة في إظهار الدعاوى) الكاذبة (عظيمة، إلا أنه لو تطرق إليه الرياء لم يؤثر في إفساد العبادة الماضية بعد الفراغ منها) فهو من هذا الوجه (أهون، والحكم فيه أن من قوي قلبه) بنور الذكر (وتم إخلاصه، وصغر الناس في عينه، واستوى عنده مدحهم) له (وذمهم) كذلك (وذكر ذلك عند من يرجو الاقتداء به والرغبة في الخير بسببه، فهو جائز، بل مندوب إليه، إن صفت النية، وسلمت عن جميع الآفات؛ لأنه ترغيب في الخير، والترغيب في الخير خير، وقد نقل مثل ذلك عن جماعة من السلف الأقوياء) .

قال أبو عمرو (سعد بن معاذ) بن النعمان الأنصاري الأشهلي سيد الأوس، شهيد بدر، أو استشهد بسهم أصابه في الخندق، روى له البخاري: ("ما صليت صلاة منذ أسلمت فحدثت نفسي بغيرها، ولا تبعت جنازة فحدثت نفسي بغير ما هي قائلة، وما هو مقول لها، وما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول قولا قط إلا عملت أنه حق" .

وقال عمر) رضي الله عنه: ("ما أبالي أصبحت على يسر أو على عسر؛ لأني لا أدري أيهما خير لي") أخرجه الإسماعيلي في مناقبه .

(وقال ابن مسعود) رضي الله عنه: ("ما أصبحت على حالة فتمنيت أن أكون على غيرها" وقال عثمان) رضي الله عنه: (ما تغنيت، ولا تمنيت، ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم) .

قال العراقي: رواه أبو يعلى الموصلي في معجمه بإسناد ضعيف من روايته عنه في أثناء حديث "وإن عثمان قال: يا رسول الله" فذكره بلفظ: "منذ بايعتك، قال: هو ذاك يا عثمان". اهـ .

قلت: رواه وكيع، عن الصلت، عن عقبة بن صهبان أنه سمع عثمان يقول: "ما تمنيت، ولا تغنيت [ ص: 305 ] ولا مسست فرجي بيميني منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم" وقد تقدم في كتاب الوجد والسماع .

(وقال شداد بن أوس) رضي الله عنه: (ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت حتى أزمها وأخطمها) يقال: زم ناقته وخطمها إذا حبسها بزمام أو خطام (غير هذه، وكان قد قال لغلامه: ائتنا بالسفرة لنعبث بها حتى ندرك الغذاء) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت من طريقين:

إحداهما: قال فيها: حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن عمران بن أبي ليلى، حدثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي حسان بن عطية قال: "كان شداد بن أوس في سفر، فنزل منزلا، فقال لغلامه: ائتنا بالسفرة نعبث بها، فأنكرت عليه، فقال: ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا وأنا أخطمها وأزمها إلا كلمتي هذه، فلا تحفظوها علي".

والثانية: قال فيها: حدثنا أحمد بن جميل، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا السري بن يحيى، عن ثابت البناني قال: "قال شداد بن أوس لغلامه: ائتنا بسفرتنا نعبث ببعض ما فيها، فقال له رجل من أصحابه: ما سمعت منك كلمة منذ صاحبتك أرى أن يكون فيها شيء من هذه، قال صدقت ما تكلمت بكلمة منذ بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أزمها وأخطمها إلا هذه، وايم الله لا تذهب مني هكذا، فجعل يسبح ويكبر ويحمد الله عز وجل".

(وقال أبو سفيان) بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي -رضي الله عنه- ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما حليمة (لأهله حين حضره الموت: لا تبكوا علي؛ فإني ما أحدثت ذنبا منذ أسلمت) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الموت، وسيأتي في آخر الكتاب، وكان إسلامه يوم فتح مكة، ثم شهد حنينا، وكان ممن ثبت معه، وكان آخذا بركاب البغلة، ومات سنة خمس عشرة في خلافة عمر، وقيل: سنة عشرين، وقيل: إنه لم يرفع رأسه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حياء منه .

(وقال عمر بن عبد العزيز) الأموي -رحمه الله تعالى-: (ما قضى الله تعالى لي بقضاء قط فسرني أن يكون قضى لي بغيره، وما أصبح لي هوى إلا في مواقع قدر الله) أخرجه أبو نعيم في الحلية .

(فهذا كله إظهار لأحوال شريفة) .




الخدمات العلمية