الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 550 ] ولهذا ما زال كثير من أئمة الطوائف الفقهاء وأهل الحديث والصوفية وإن كانوا في فروع الشريعة متبعين بعض أئمة المسلمين رضي الله عنهم أجمعين، فإنهم يقولون نحن في الأصول أو في السنة على مذهب أحمد بن حنبل لا يقولون ذلك لاختصاص أحمد بقول لم يقله الأئمة ولا طعنا في غيره من الأئمة بمخالفة السنة، بل لأنه أظهر من السنة التي [ ص: 551 ] اتفقت عليها الأئمة قبله أكثر مما أظهره غيره فظهر تأثير ذلك لوقوعه وقت الحاجة إليه وظهور المخالفين للسنة وقلة أنصار الحق وأعوانه.

حتى كانوا يشبهون قيامه بأمر الدين ومنعه من تحريف المبتدعين المشابهين للمرتدين بأبي بكر يوم الردة وعمر يوم [ ص: 552 ] السقيفة وعثمان يوم الدار وعلي يوم [ ص: 553 ] حروراء، ونحو ذلك [ ص: 554 ] فيما فيه تشبيه له بالخلفاء الراشدين فيما خلفت فيه الرسل وقامت فيه مقامهم، وكذلك سائر أئمة الدين كل منهم يخلف الأنبياء والمرسلين بقدر ما قام به من ميراثهم وما خلفهم فيه من دعوتهم، والله يرضى عن جميع السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وإن كان يعني بالتركيب والتأليف واعترافهم بالأجزاء والأبعاض هو إثباتهم للصفات التي ورد بها الكتاب والسنة مثل الوجه واليدين ونحو ذلك؛ فهذا قول جميع سلف الأمة وأئمتها وجميع المشهورين بلسان الصدق فيها من الفقهاء والصوفية وأهل الحديث، وهو قول الصفاتية قاطبة من الكلابية والكرامية والأشعرية، وقد ذكر محمد بن الهيصم في كتاب جمل الكلام له هذه المسألة وأثبت صفة الوجه [ ص: 555 ] واليد.

التالي السابق


الخدمات العلمية