الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وجعل من أمته أولي أمر يرجع الناس إليهم في صلاح دينهم [ ص: 409 ] ودنياهم ، إذ لا يقوم الدين والدنيا إلا بولاة أمورها . قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا إلى قوله : هم المفلحون [آل عمران :102 - 104] .

فولاة أمور الدين [الذين] أمر الله أن يكونوا ولاة أمورهم ، الدعاة إلى الخير ، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق [التوبة :33] ، هو الذي أرسل الله به الرسل ، وأنزل به الكتب ، وجعل نعت هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس ، كما جعلهم شهداء على الناس . فلهم الشهادة في الخبر ، والإمامة في الطلب والإنشاء . والكلام إما إنشاء وإما إخبار ، وذلك هو الذي وصف القرآن حين قال : وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه [المائدة :48] ، وقال : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل [النساء :58] .

ثم إنه قرن طاعته بطاعة رسوله ، فقال : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا [النساء :59] . [فولي الأمر] منهم يطاع فيما أمر الله بطاعته ، وهو الأمر الذي يحتاج إليه فيه ، وكان ذلك قد اجتمع في الخلفاء الراشدين الذين نص رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 410 ] على اتباع سنتهم ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : «إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وإن كل بدعة ضلالة » .

التالي السابق


الخدمات العلمية