الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر تخلف أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - لما عجز بعيره ، وما وقع في ذلك من الآيات

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن إسحاق عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك جعل يتخلف عنه الرجل ، فيقولون : يا رسول الله ، تخلف فلان ، فيقول "دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه" حتى قيل : يا رسول الله ، تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه"

                                                                                                                                                                                                                              وتلوم أبو ذر على بعيره ، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فحمله على ظهره ، ثم خرج يتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماشيا ، قال محمد بن عمر : قالوا : وكان أبو ذر الغفاري يقول : أبطأت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك من أجل بعيري .

                                                                                                                                                                                                                              وكان نضوا أعجف ، فقلت أعلفه أياما ثم ألحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلفته أياما ، ثم [ ص: 444 ] خرجت فلما كنت بذي المروة أذم بي فتلومت عليه يوما فلم أر به حركة ، فأخذت متاعي فحملته . قال ابن مسعود : وأدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض منازله ،

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر : قال أبو ذر : فطلعت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصف النهار وقد أخذ مني العطش ، فنظر ناظر من المسلمين فقال : يا رسول الله ، إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

                                                                                                                                                                                                                              "كن أبا ذر" فلما تأمله القوم قالوا : يا رسول الله ، هو والله أبو ذر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده


                                                                                                                                                                                                                              فكان كذلك كما سيأتي في المعجزات في أبواب إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأحوال رجال ،

                                                                                                                                                                                                                              فلما قدم أبو ذر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره خبره ، فقال "قد غفر الله لك يا أبا ذر بكل خطوة ذنبا إلى أن بلغتني" ووضع متاعه عن ظهره ، ثم استقى فأتي بإناء من ماء فشربه .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية