الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثامن في ولادته صلى الله عليه وسلم مختونا مقطوع السرة

                                                                                                                                                                                                                              عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كرامتي على ربي أني ولدت مختونا ولم ير أحد سوأتي".

                                                                                                                                                                                                                              رواه الطبراني وأبو نعيم وابن عساكر من طرق. قال في الزهر: سنده جيد. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                              وصححه الحافظ ضياء الدين المقدسي وروي من حديث العباس بن عبد المطلب رواه ابن سعد وحسن مغلطاي سنده في كتابه دلائل النبوة ومن حديث ابنه عبد الله رواه ابن عدي وابن عساكر ومن حديث أبي هريرة رواه ابن عساكر أيضا. ومن حديث أنس رواه أبو نعيم . قال مغلطاي في دلائله: بسند جيد. ومن حديث ابن عمر رواه ابن عساكر .

                                                                                                                                                                                                                              وقد جزم - بأنه صلى الله عليه وسلم ولد مختونا - جماعة من العلماء منهم هشام بن محمد بن السائب في كتاب الجامع. وابن حبيب في المحبر. وابن دريد في الوشاح، وابن الجوزي في العلل والتلقيح. وقال الحاكم في المستدرك: تواترت الأخبار بأنه صلى الله عليه وسلم ولد مختونا. وتعقبه الذهبي فقال: ما أعلم صحة ذلك فكيف يكون متواترا.

                                                                                                                                                                                                                              وأجيب باحتمال أن يكون أراد بتواتر الأخبار اشتهارها وكثرتها في السيرة، لا من طريق السند المصطلح عليه عند أئمة الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: إن جبريل ختنه صلى الله عليه وسلم. حين شق صدره. رواه الخطيب عن أبي بكرة موقوفا. ولا يصح سنده. وقال الذهبي : إنه خبر منكر. وقال الذهبي : إن جده صلى الله عليه وسلم ختنه على عادة العرب .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه أبو عمر قال الحافظ أبو الفضل العراقي : وسنده غير صحيح. قال الحافظ قطب الدين الخيضري رحمه الله تعالى في الخصائص: وأرجحها عندي الأول. وأدلته مع ضعفها أمثل من أدلة غيره.

                                                                                                                                                                                                                              قلت: قد قدمنا أن له طريقا جيدة صححها الحافظ الضياء. وقد قال الزركشي : إن تصحيح الضياء أعلى مزية من تصحيح الحاكم.

                                                                                                                                                                                                                              قال الخيضري: فإن قيل إن فيه أي في ولادته صلى الله عليه وسلم مختونا بعض نقص في حق من يوجد كذلك. فيقال: هذا في حقه صلى الله عليه وسلم غاية الكمال لأن القلفة ربما تمنع من تكميل النظافة والطهارة، وتمنع كمال لذة الجماع فأوجد الله تعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم مختونا مسرورا مكملا سالما من سائر النقائص والمعايب فإن قيل: إذا كان كذلك فلم شق صدره صلى الله عليه وسلم واستخرج منه العلقة السوداء التي هي حظ الشيطان، ولو كان كما ذكرت لخلقه سالما منها؟

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 348 ] قلت: لا سواء لأن الختان والإسرار من الأمور الظاهرة التي تحتاج إلى فعل الآدمي، فخلقه الله تعالى سليما منها لئلا يكون لأحد عليه منة، كما في كمال الطهارة، وأما إخراج العلقة التي هي حظ الشيطان فمحلها القلب ولا اطلاع للآدمي عليها، ولو خلق الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم سليما منها لم يكن للآدميين اطلاع على حقيقته، فأظهره الله تعالى لعباده على يد جبريل ليتحققوا كمال باطنه كما برز لهم مكمل الظاهر انتهى. وهو مأخوذ من كلام السبكي يأتي ذكره في باب شرح صدره صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد بسند رجاله ثقات عن إسحاق بن أبي طلحة مرسلا رحمه الله تعالى أن آمنة قالت: وضعته نظيفا، ما ولدته كما يولد السخل، ما به قذر، ووقع إلى الأرض وهو جالس على الأرض بيديه.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية