الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر قصة عوف بن مالك الأشجعي رضي الله تعالى عنه في الجزور

                                                                                                                                                                                                                              روى البيهقي من طريق ابن إسحاق قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب قال : حدثت عن عوف بن مالك . ومن طريقين عن سعيد بن أبي أيوب وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط أخبره عن مالك بن هرم أظنه عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه واللفظ لابن إسحاق ، قال : «كنت في الغزاة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص ، وهي غزوة ذات السلاسل ، فصحبت أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فمررت بقوم وهم على جزور قد نحروها وهم لا يقدرون على أن يبعضوها . وكنت امرأ [لبقا] جازرا . فقلت [ ص: 171 ] لهم : أتعطوني منها عشيرا على أن أقسمها بينكم ؟ قالوا : نعم . فأخذت الشفرة فجزأتها مكاني وأخذت جزءا ، فحملته إلى أصحابي فاطبخناه وأكلناه . فقال لي أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما : أنى لك هذا اللحم يا عوف ؟ فأخبرتهما . فقالا : والله ما أحسنت حين أطعمتنا هذا . ثم قاما يتقيآن ما في بطونهما منه . فلما قفل الناس [من ذلك السفر] . كنت أول قادم على رسول الله صلى الله عليه وسلم- وفي رواية مالك بن هرم : ثم أبردوني في فيج لنا فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئته وهو يصلي في بيته فقلت : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته . فقال : «أعوف بن مالك ؟ » فقلت : نعم ، بأبي أنت وأمي . فقال : «أصاحب الجزور ؟ » ولم يزدني على ذلك شيئا .

                                                                                                                                                                                                                              وليس في رواية مالك بن هرم أنهما أكلا بل ذكر لأبي بكر فيها . زاد محمد بن عمر : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فأخبرني» . فأخبرته بما كان من سيرنا وما كان بين أبي عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص ومطاوعة أبي عبيدة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يرحم الله أبا عبيدة بن الجراح» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن حبان ، والطبراني عن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه أن الجيش لما رجعوا ذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم منعي لهم من إيقاد النار ومن اتباعهم العدو فقلت : يا رسول الله إني كرهت أن يوقدوا نارا فيرى عدوهم قلتهم وكرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد فيعطفوا عليهم . فحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن أبي عثمان النهدي رحمه الله تعالى ، موقوفا عليه ، ومسلم والإسماعيلي والبيهقي عنه قال : سمعت عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه يقول : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش ذي السلاسل ، وفي القوم أبي بكر ، وعمر ، فحدثت نفسي إنه لم يبعثني على أبي بكر وعمر إلا لمنزلة عنده . قال : فأتيته حتى قعدت بين يديه وقلت : يا رسول الله من أحب الناس ؟ قال : «عائشة» . قلت : إني لست أسألك عن أهلك .

                                                                                                                                                                                                                              قال : «فأبوها» . قلت : ثم من ؟ قال : «عمر» . قلت : ثم من ؟ حتى عد رهطا . قلت في نفسي لا أعود أسأل عن هذا ،
                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية الشيخين : فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية