الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب السابع في اعتكافه- صلى الله عليه وسلم- وشدة اجتهاده في العشر الأخير من رمضان وتحريه ليلة القدر

                                                                                                                                                                                                                              روى الطيالسي ، والحارث- بسند حسن- عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اعتكف هو وخديجة شهرا فوافق ذلك رمضان . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الجماعة عنها ، قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر الأخير من رمضان أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وجد وشد المئزر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، ومسلم عنها ، قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عنها : قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يخلط العشرين بصلاة ونوم ، فإذا كان العشر شمر وشد المئزر وشمر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والشيخان عنها ، قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عنها ، قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان ، فإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي يعتكف فيه ، وأنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فأمر ببنائه فضرب ، فاستأذنته عائشة أن تعتكف فأذن لها ، فضربت فيه قبة ، فسمعت حفصة فضربت قبة ، وسمعت زينب فضربت قبة أخرى فلما انصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من الغداة أبصر أربع قباب ، فقال : «ما هذا ؟ » فأخبر خبرهن ، فقال : «ما حملهن على هذا ؟ البر ؟ » وفي رواية : «البر أردن بهذا» وفي لفظ مرة واحدة ، «ما أنا بمعتكف انزعوها فلا أراها» فنزعت ، وأمر بخبائه فقوض ، فلم يعتكف حتى اعتكف في آخر العشر من شوال» ، وفي رواية : حتى اعتكف في العشر الأول من شوال ، وفي رواية : اعتكف عشرين من شوال .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وأبو يعلى- بسند حسن- عن علي- رضي الله تعالى عنه- قال :

                                                                                                                                                                                                                              «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوقظ أهله في العشر الأخير من رمضان ، ويرفع المئزر» . [ ص: 439 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري ، وأبو داود والنسائي ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني ، عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر الأواخر ، طوى فراشه ، واعتزل النساء [وجعل عشاءه سحورا] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه ، عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا اعتكف طرح له فراشه أو يوضع له سريره ، وراء أسطوانة التوبة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والبخاري ، وأبو داود ، عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والترمذي ، وقال : حسن صحيح غريب عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ، فلم يعتكف عاما فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن أبي بن كعب- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان فسافر سنة فلم يعتكف ، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين يوما» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام مالك ، والجماعة ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- «أنها كانت ترجل النبي- صلى الله عليه وسلم- وهي حائض ، وهو معتكف في المسجد ، وهي في حجرتها يناولها رأسه ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان» ، زاد أبو داود وكان يمر بالمريض فيمر ولا يعرج يسأل عنه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، عن أبي ليلى عن أبيه- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اعتكف في قبة من خوص» . [ ص: 440 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني من طريق النضر بن يزيد البهرتيري ، يحرر حاله عن معيقيب- رضي الله تعالى عنه- قال : «اعتكف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في قبة من خوص بابها من حصير ، والناس في المسجد» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام مالك ، عن ابن شهاب- رحمه الله تعالى- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يذهب لحاجة الإنسان في البيوت وهو معتكف» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والشيخان ، وأبو داود ، وابن ماجه ، عن صفية- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- معتكفا فأتيته أزوره ليلا ، فحدثته ثم قمت لأنقلب فقام معي يقلبني» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم ، وابن ماجه ، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اعتكف العشر الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على سدتها حصير ، قال : فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة ، ثم أطلع رأسه فكلم الناس ، فدنوا منه فقال : «إني كنت أعتكف العشر الأول ألتمس هذه الليلة ، ثم اعتكفت العشر الأوسط ، ثم أتيت فقيل لي : إنها في العشر الأواخر فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف» ، فاعتكف الناس معه ، قال : «وإني أريتها ليلة وتر وإني أسجد في صبيحتها في طين وماء ، فأصبح من ليلة إحدى وعشرين» . وقد قام إلى الصبح فمطرت السماء فوكف المسجد ، فأبصرت الطين والماء فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه وروثة أنفه فيهما الطين والماء وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمامان : مالك ، وأحمد ، والشيخان ، وأبو داود ، وابن ماجه ، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله تعالى عنه- قال : «اعتكفنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- العشر الأوسط ، فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا ، فأتاه جبريل- صلى الله عليه وسلم- فقال : «إن الذي تطلب أمامك» فأتانا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «من اعتكف فليرجع إلى معتكفه ، فإني أريت هذه الليلة ، ورأيتني أسجد في ماء وطين» ، فلما رجع إلى معتكفه هاجت السماء من آخر ذلك اليوم ، وكان المسجد من عريش ، فلقد رأيت على أنفه وأرنبته أثر الماء والطين» . [ ص: 441 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني- بسند حسن- عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «اعتكف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أول سنة : العشر (الأول ثم اعتكف العشر ) الوسطى ثم العشر الأواخر وقال : «إني رأيت ليلة القدر فيها فأنسيتها» ، فلم يزل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعتكف فيهن حتى توفي» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو بكر أحمد بن عمر وأبو عاصم ، عن حذيفة- رضي الله تعالى عنه- قال : «قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة من رمضان في حجرة من جريد النخل ، فصب عليه دلوا من ماء» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا كان رمضان ونام فإذا دخل العشر شمر المئزر ، واجتنب النساء ، واغتسل بين الأذانين وجعل العشاء سحورا . [ ص: 442 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية