الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : قوله «أتاني ربي» وقوله «فوضع يده» ، وأمثال ذلك فيه مذهبان ، فمذهب السلف : الإيمان به كما ورد وتفويض أمره إلى الله تعالى ، ومذهب الخلف : التأويل بما يليق به تعالى مع اتفاقهم على استحالة ظاهرها عليه تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، فيتأولون الإتيان بمجيء أمره ونهيه ، واليد بالنعمة ، وما أشبه ذلك من التأويلات اللائقة به تعالى .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : قوله تعالى «إلى ستمائة» وفي لفظ «إلى سبعمائة ضعف» المضاعفة التكثير ، قال الجوهري : وذكر الخليل أن التضعيف أن يزاد على أصل الشيء فيجعل مثلين ، والحسنة ما يحمد بها الإنسان شرعا ، والمراد بمضاعفتها مضاعفة جزائها في الآخرة لمن جاء بها خالصة مقبولة؛ لأن الله تعالى قال : «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها» ولم يقل : «من عمل حسنة» وقد تكون الحسنة لا مضاعفة فيها ، كمن نوى حسنة ولم يفعلها ، وكان رجوعه عنها لعذر ، لا لرغبة عنها .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 163 ] وللمضاعفة مراتب .

                                                                                                                                                                                                                              الأولى : إلى مثليه وهو من أدرك نبيين فآمن بهما جميعا ، وعبد أطاع الله ونصح سيده ، وامرأة أطاعت الله وأحسنت عشرة زوجها .

                                                                                                                                                                                                                              الثانية : لمن عمل حسنة .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة : إلى خمسة عشر : ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو بن العاص : «صم يومين ، ولك ما بقي من الشهر» فالحسنة بخمسة عشر .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة : إلى ثلاثين ففي الحديث نفسه : «صم يوما ولك بها ما بقي من الشهر» فالحسنة بثلاثين .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة : إلى خمسين؛ ففي الحديث أنه -عليه الصلاة والسلام- قال : من قرأ القرآن فاعتبر به ، فله بكل حرف خمسون لا أقول : الم حرف ، ولكن الألف حرف ، واللام حرف ، والميم حرف .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة : إلى سبعمائة ، وهي النفقة في سبيل الله ، قال تعالى : مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة [البقرة : 261] .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة : إلا ما لا يتناهى ، وهو الصوم؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربه -عز وجل- : «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم ، فإنه لي وأنا أجزي به» والصبر؛ لقوله تعالى : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب [الزمر : 10] وهو يتعدد إلى الصبر على الطاعة ، وإلى الصبر على المعصية ، وإلى الصبر على المصيبة (فإن الصلاة مثلا مشتملة على أنواع من العبادات كالقراءة والتسبيح والخشوع وغير ذلك) .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : ليس المراد بالحسنة أجزاء العبادات ، وإنما المراد أن الصلاة بكمالها حسنة ، فمن أتى ببعض صلاته لم يدخل في هذا .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية