الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              وها هنا فصول من كلام القاضي- رحمه الله تعالى- .

                                                                                                                                                                                                                              الفصل الأول ويؤخر هذا عنه الفصل الثاني .

                                                                                                                                                                                                                              قال القاضي- رحمه الله تعالى- : اعلم أن الله- عز وجل- قادر على خلق المعرفة في قلوب عباده ، والعلم بذاته أي كونها موجودة وأسمائه الحسنى الدالة على أحسن المعاني ، وصفاته وجميع تكليفاته التي ألزمها عباده ، فيعلمون أن لهم ربا موجودا ذا أسماء وصفة كمال ابتداء دون واسطة ، لو شاء خلق ذلك فيهم ابتداء بلا مرشد إليه ومبين لهم إياه كما حكي عن سنة بعض الأنبياء إذ خلق فيهم ذلك إلهاما ، أو إلقاء في الروع أو رؤيا ، كما رأى إبراهيم مناما يذبح ولده ورؤياهم وحي وذكره بعض أهل التفسير في قوله تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب [الشورى 51] ، أي وحي إلهام أو رؤيا بشهادة وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه أي يلقيه في قلبها دون واسطة ، وكما هو تعالى قادر على خلق ما ذكر في قلوبهم ابتداء بدون واسطة جائز أن يوصل إليهم جميع ذلك بواسطة تبلغهم ما أمر بتبليغه إليهم مما يدل على ذلك من كلام يهدى إليه ، ويكون ذلك الواسطة ، إما بغير البشر كالملائكة مع الأنبياء- عليهم السلام- يوحون إليهم ما أرسلوا به ، أو من جنسهم كالأنبياء مع الأمم ينبئونهم ما أنزل إليهم ، ولا مانع لهذا الذي ذكر يمنع وصوله إلى عباده بواحدة من حالتي [ ص: 407 ]

                                                                                                                                                                                                                              الابتداء والواسطة من دليل العقل بتجويزه إياه إذا جاز هذا ولم يستحل ، وجاءت الرسل- عليهم الصلاة والسلام- بما دل على صدقهم من معجزات وجب على المرسل إليهم تصديقهم في جميع ما أتوا به مما كلفوا بتبليغه لأن المعجزة مع التحدي من النبي قائم مقام قول الله : صدق عبدي فأطيعوه واتبعوه وشاهد على صدقه فيما يقوله من دعواه النبوة والرسالة إلى من أرسل إليهم ، وهذا كان في قضائه بإمكان ما ذكر وأن المعجز مؤذن بصدق النبي صلى الله عليه وسلم لقيامه مقام إخبار الله تعالى بأنه صادق تجري عادته في خلق العلم بصدقهم علما ضروريا .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية