الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثالثة والثلاثون : وبوجوب العقيقة .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة والثلاثون : وبوجوب الإثابة على الهدية .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة والثلاثون : وبوجوب الإغلاظ على الكفار قال الله سبحانه وتعالى : يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم [التحريم - 9] .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة والثلاثون : وبوجوب تحريض المؤمنين على القتال .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة والثلاثون : وبوجوب التوكل على الله .

                                                                                                                                                                                                                              قال الله سبحانه وتعالى : وتوكل على الله [الأحزاب - 3] .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة والثلاثون : وبوجوب الصبر على ما يكره .

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة والثلاثون : وبوجوب صبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي .

                                                                                                                                                                                                                              الأربعون : وبوجوب الرفق وترك الغلظة .

                                                                                                                                                                                                                              الحادية والأربعون : وبوجوب إبلاغ كل ما أنزل إليه . قال الله- تبارك وتعالى- : يا أيها الرسول ، بلغ ما أنزل إليك من ربك [المائدة - 67] .

                                                                                                                                                                                                                              قلت : وفي هذه الخصائص نظر ، إذ الأنبياء كلهم كذلك .

                                                                                                                                                                                                                              الثانية والأربعون : وبوجوب خطاب الناس بما يعقلون .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة والأربعون : وبوجوب الدعاء لمن أدى صدقة ماله .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة والأربعون : وبوجوب كل ما يتقرب به .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة والأربعون : وبوجوب الاستثناء إذا وعد أو علق أمرا على غد . قال الله تعالى : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله [الكهف - 23 ، 24] .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة والأربعون : وبوجوب مبرة عيال من مات موسرا .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة والأربعون : وبوجوب أداء الجنايات عمن لزمته . وهو معسر .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة والأربعون : وكذا الكفارات ، ذكر السبعة عشر رزين ونقله الشيخ عنه في الصغرى ، ولم يتعرض لذلك في الكبرى . [ ص: 406 ]

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة والأربعون : وبأن الصلاة على الجنازة ، في حقه -صلى الله عليه وسلم- فرض عين كما يؤخذ من قول بعض الحنفية أن في عهده لا يسقط فرض الجنازة إلا بصلاته .

                                                                                                                                                                                                                              الخمسون : وبوجوب حفظ أقوال المسلمين . قاله أبو سعيد النيسابوري في "الشرف" .

                                                                                                                                                                                                                              النوع الثاني من الواجبات فيما يتعلق بالنكاح وفيه مسألة واحدة

                                                                                                                                                                                                                              خص -صلى الله عليه وسلم- بتخيير بعض نسائه في فراقه واختياره على الصحيح ، قال الله- سبحانه وتعالى- : يا أيها النبي ، قل لأزواجك : إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا [الأحزاب - 28] الآية ، والأمر في ذلك للوجوب ، ولا يجب ذلك على غيره . وسبب نزول هذه الآية قد اختلف فيه ، فقيل : إن أزواجه سألنه النفقة وطلبن منه ما لا يقدر عليه -صلى الله عليه وسلم- ، كما في حديث مسلم من حديث جابر- رضي الله تعالى عنه- قال : دخل أبو بكر وعمر- رضي الله تعالى عنهما- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وحوله نساؤه يسألنه وهو ساكت فقال عمر- رضي الله تعالى عنه- : لأكلمن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعله يضحك ، فقال عمر : يا رسول الله ، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة ، فقمت إليها فوجأت عنقها ، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال : هن حولي كما ترى يسألنني النفقة ، فقام أبو بكر إلى عائشة ليضربها ، وقام عمر إلى حفصة ليضربها كلاهما يقولان : تسألان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما ليس عنده ؟ وأنزل الله الخيار فبدأ بعائشة فقال : إني ذاكر لك أمرا ، فأحب أن لا تعجلي منه حتى تستأمري أبويك ، قالت : ما هو ؟ فتلا عليها : يا أيها النبي ، قل لأزواجك : إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها [الأحزاب 28] الآية ، قالت عائشة : أفيك أستأمر أبوي بل أختار الله ورسوله . ولا مخالفة بين هذا الحديث وما في صحيح البخاري عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أنه سأل عمر بن الخطاب عن قصة المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر اعتزال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه ، وكان قال : ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدة مؤاخذته عليهن حين عاتبه الله ، فلما مضت تسع وعشرون ليلة ، دخل على عائشة فبدأ بها فقالت له عائشة : يا رسول الله ، إنك كنت قد أقسمت أن لا تدخل علي شهرا ، وإنما أصبحت من تسع وعشرين ، أعدها عدا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "الشهر تسع وعشرون ، وكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ، قالت عائشة- رضي الله تعالى عنها- : ثم نزلت بعد آية التخيير" . الحديث . لأنه يمكن الجمع ، كما قال الحافظ : بأن تكون القصتان جميعا سبب الاعتزال ، والاعتزال سبب التخيير .

                                                                                                                                                                                                                              فإن قصة المتظاهرتين خاصة بهما ، وقصة سؤال النفقة عامة في جميع النسوة ، وهو مفهوم من سياق الحديث . [ ص: 407 ]

                                                                                                                                                                                                                              القول الثاني : إن التخيير كان لسبب قصة العسل الذي شربه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت زينب بنت جحش ومواطأة عائشة وحفصة أن يقولا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنا نجد منك ريح مغافير فحرمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على نفسه ، فأنزل الله تعالى : يا أيها النبي ، لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك [التحريم - 1] إلى قوله : إن تتوبا إلى الله [التحريم - 4] هو مخرج في الصحيحين عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- والمغافير بالعين المعجمة والفاء حلو المذاق .

                                                                                                                                                                                                                              فروع :

                                                                                                                                                                                                                              الفرع الأول : قال أئمتنا : لما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه اخترنه غير العامرية ، فروى ابن سعد عن ابن أبي عون عن عمران بن مناح قالا : لما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه ، بدأ بعائشة فاخترنه جميعا غير العامرية اختارت قومها فكانت بعد تقول : إنني الشقية ، وسيأتي بيان ذلك في باب ذكر أزواجه -صلى الله عليه وسلم- فلما اخترنه حرم الله التزوج عليهن مكافأة لهن على حسن صنيعهن ، ونزل قوله تعالى : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج [الأحزاب - 52] الآية . ثم نسخ حكم ذلك بقوله : إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن [الأحزاب - 50] ، فتكون المنة له -صلى الله عليه وسلم- بترك التزوج عليهن .

                                                                                                                                                                                                                              وقد قالت عائشة : ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أحل الله تعالى له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم لقوله تعالى : ترجي من تشاء منهن [الأحزاب - 51] . الآية .

                                                                                                                                                                                                                              رواه الإمامان الشافعي وأحمد وابن سعد ، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والبيهقي وقال : كأنها معنى اللاتي خطرن عليه في قوله : لا يحل لك النساء من بعد [الأحزاب - 52] الآية .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد مثله عن أم سلمة وابن عباس وعطاء بن يسار ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه ) .

                                                                                                                                                                                                                              وإذا قلنا إنه أحل له التزوج فهل هو عام من جميع النساء ، أو هو خاص ببنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات المهاجرات معه لظاهر الآية وجهان أظهرهما .

                                                                                                                                                                                                                              الأول : لأن الإباحة رفعت ما تقدم من الحظر ، فاستباح ما كان يستبيحه قبلها ، ولأنه في استباحة النساء أوسع من أمته ، فلم يجز أن ينقص عنهم .

                                                                                                                                                                                                                              الفرع الثاني : لم يحرم على النبي -صلى الله عليه وسلم- طلاق زوجاته بعد اختيارهن في الأظهر .

                                                                                                                                                                                                                              الفرع الثالث : لو قدر أن واحدة من زوجاته -صلى الله عليه وسلم- اختارت الحياة الدنيا ، لم يحصل الاختيار بنفس الاختيار على الأصح . [ ص: 408 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية