الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب السابع : في وعيد من أحدث بها حدثا ، أو آوى محدثا ، أو أرادها وأهلها بسوء أو أخافهم ، والوصية بهم

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني برجال الصحيح عن أبي أمامة ، وعن علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من أحدث في مدينتي هذه حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا" .

                                                                                                                                                                                                                              وعن السائب بن خلاد أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله عز وجل ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا" ، رواه الإمام أحمد .

                                                                                                                                                                                                                              وعن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أرادها- يعني المدينة- بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء" ، رواه الإمام أحمد والشيخان .

                                                                                                                                                                                                                              وعن معقل بن يسار رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المدينة مهاجري وفيها مضجعي ومنها مبعثي ، حقيق على أمتي حفظ جيراني ما اجتنبوا الكبائر ، ومن حفظهم كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة ، ومن لم يحفظهم سقي من طينة الخبال" ،

                                                                                                                                                                                                                              قيل لمعقل : وما طينة الخبال؟ قال : عصارة أهل النار ، رواه أبو عمرو بن السماك ، وابن الجوزي في "مثير الغرام الساكن" .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الجندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أيما جبار أراد المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء" .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار بسند حسن عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم اكفهم من دهمهم ببأس- يعني المدينة- ولا يريدها أحد بسوء إلا أذابه الله كما يذوب الملح في الماء" .

                                                                                                                                                                                                                              وروى محمد بن الحسن المخزومي عن سعيد بن المسيب مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم من أرادني وأهل بلدي بسوء فعجل بهلاكه" .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد برجال الصحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من أخاف أهل المدينة أخافه الله" ، رواه ابن حبان .

                                                                                                                                                                                                                              وعن عبادة بن الصامت [ ص: 313 ] رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، " رواه الطبراني بإسناد حسن .

                                                                                                                                                                                                                              وفي "المدارك" للقاضي قال محمد بن مسلمة : سمعت مالكا يقول : دخلت على المهدي فقال : أوصني ، فقلت : أوصيك بتقوى الله وحده والعطف على أهل بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيرانه ، فإنه بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "المدينة مهاجري ومنها مبعثي وبها قبري وأهلها جيراني ، وحقيق على أمتي حفظ جيراني ، فمن حفظهم في كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ، ومن لم يحفظ وصيتي في جيراني سقاه الله من طينة الخبال" .

                                                                                                                                                                                                                              وقال مصعب : "لما قدم المهدي المدينة ، استقبله مالك وغيره من أشرافها على أميال ، فلما بصر بمالك انحرف المهدي إليه فعانقه وسلم عليه وسايره ، فالتفت إليه مالك فقال : يا أمير المؤمنين ، إنك تدخل الآن المدينة ، فتمر بقوم عن يمينك ويسارك ، وهم أولاد المهاجرين والأنصار ، فسلم عليهم ، فإن ما على وجه الأرض قوم خير من أهل المدينة ، ولا خير من المدينة قال : ومن أين قلت ذلك يا أبا عبد الله؟ فقال : لأنه لا يعرف قبر نبي اليوم على وجه الأرض غير قبر محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن كان قبر محمد صلى الله عليه وسلم عندهم فينبغي أن يعرف فضلهم على غيرهم . ففعل المهدي ما أمره به ، وفيه إشارة إلى التفضيل بمجاورة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد

                                                                                                                                                                                                                              قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" ،

                                                                                                                                                                                                                              ولم يخص جارا دون جار .

                                                                                                                                                                                                                              ومن تأمل هذا الفضل لم يرتب في تفضيل سكنى المدينة على مكة ، مع التسليم بمزيد المضاعفة لمكة ، [إذ جهة الفضل غير منحصرة في ذلك] فتلك لها مزيد العدد ، وهذه تضاعف البركة والمدد ، ولتلك جوار بيت الله ، ولهذه جوار حبيب الله وأكرم الخلق على الله .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية