الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب العاشر في غزوة غطفان إلى نجد

                                                                                                                                                                                                                              وهي ذو أمر ، وسببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن جمعا من بني ثعلبة بن سعيد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان وبني محارب بن خصفة بن قيس بذي أمر قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجمعهم رجل منهم يقال له : دعثور بن الحارث بن محارب ، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين ، وخرج في أربعمائة وخمسين ، معهم عدة أفراس ، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان ، فأصابوا بالمدينة رجلا منهم بذي القصة يقال له : جبار من بني ثعلبة ، فقال له المسلمون : أين تريد ؟ فقال : أريد يثرب لأرتاد لنفسي وأنظر ، فأدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره من خبرهم ، قال : قال لن يلاقوك ولو سمعوا بسيرك هربوا في رؤوس الجبال وأنا سائر معك ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وأسلم ، وضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلال ، فأخذ به جبار طريقا ، وهبط به عليهم ، وسمع القوم بميسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهربوا في رءوس الجبال ، فبلغ ماء يقال له : ذو أمر ، فعسكر به ، وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مطر كثير ، فابتلت ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثياب أصحابه ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة ونشر ثيابه لتجف ، واضطجع ، وذلك بمرأى من المشركين ، واشتغل المسلمون في شؤونهم ، فبعث المشركون رجلا شجاعا منهم يقال له : دعثور بن الحارث ، وكان سيدها وأشجعها ، ومعه سيف متقلد به ، فبادر دعثور وأقبل مشتملا على السيف ، حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف مشهورا ، فقال : يا محمد ، من يمنعك مني اليوم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الله » . ودفع جبريل في صدره ، فوقع السيف من يده ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال له : «من يمنعك مني ؟ » فقال : لا أحد ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، والله لا أكثر عليك جمعا أبدا ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ، ثم أتى قومه فقالوا : ما لك ؟ ويلك ! فقال : نظرت إلى رجل طويل ، فدفع في صدري ، فوقعت لظهري ، فعرفت أنه ملك ، وشهدت بأن محمدا رسول الله ، والله لا أكثر عليه جمعا . وجعل يدعو قومه إلى الإسلام . وأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم [المائدة 11 ] . وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، ولم يلق كيدا ، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة ، وقال أبو عمر : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بنجد صفر كله .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية