الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم كانت غزاة الغابة

وهي على بريد من المدينة على طريق الشام في ربيع الأول .

قالوا: كانت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم - [وهي] عشرون لقحة - ترعى بالغابة [وكان أبو ذر فيها] فأغار عليها عيينة بن حصن ليلة الأربعاء في أربعين [فارسا] فاستاقوها وقتلوا راعيها ، وجاء الصريخ فنادى: " [الفزع الفزع ، فنودي:] يا خيل الله اركبي" ، فكان أول ما نودي بها ، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فخرج غداة الأربعاء في [ ص: 252 ] الحديد مقنعا ، [فوقف ، فكان أول من أقبل إليه المقداد بن عمرو ، وعليه الدرع والمغفر ، شاهرا سيفه ، فعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء في رمحه ، وقال: "امض حتى تلحقك الخيول ، إنا على أثرك" ] ، واستخلف [رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة ] عبد الله بن أم مكتوم ، وخلف سعد بن عبادة في ثلاثمائة [من قومه] يحرسون المدينة .

قال المقداد: فخرجت فأدركت أخريات العدو وقد قتل أبو قتادة مسعدة ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسه وسلاحه ، وقتل عكاشة [بن محصن أثار بن عمرو بن أثار] ، وقتل المقداد [بن عمرو: حبيب بن عيينة بن حصن ، وقرفة بن مالك بن حذيفة بن بدر] .

وقتل من المسلمين محرز بن نضلة ، قتله مسعدة . وأدرك سلمة بن الأكوع القوم وهو على رجليه ، فجعل يراميهم بالنبل ، ويقول :


خذها وانا ابن الأكوع اليوم يوم الرضع"

حتى انتهى بهم إلى ذي قرد ناحية خيبر [مما يلي المستناخ] .

قال سلمة: فلحقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم [والناس] والخيول عشاء ، فقلت: يا رسول الله ، إن القوم عطاش فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما في أيديهم من السرح وأخذت بأعناق القوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ملكت فأسجح" ، [ثم قال: "إنهم الآن [ ص: 253 ] ليقرون في غطفان" . وذهب الصريخ إلى بني عمرو بن عوف ، فجاءت الأمداد ، فلم تزل الخيل تأتي والرجال على أقدامهم وعلى الإبل حتى انتهوا] إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد ، فاستنقذوا عشر لقائح ، وأفلت القوم بما بقي وهي عشر ، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد صلاة الخوف ، وأقام به يوما وليلة [يتحسس الخبر ، وقسم في كل مائة من أصحابه جزورا ينحرونها - وكانوا خمسمائة ، ويقال سبعمائة - وبعث إليه سعد بن عبادة بأحمال تمر وبعشر جزائر ، فوافت رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد ،
والثبت عندنا] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر على هذه السرية سعد بن زيد الأشهلي ، ولكن الناس نسبوها إلى المقداد [لقول حسان بن ثابت:

غداة فوارس المقداد

فعاتبه سعد بن زيد ، فقال: اضطرني الروي إلى المقداد] .

ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يوم الاثنين ، وقد غاب خمس ليال

التالي السابق


الخدمات العلمية