الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ذكر تجديد المسجد الحرام والتوسعة فيه]

وفي هذه السنة اعتمر عمر وخلف على المدينة زيد بن ثابت ، وبنى المسجد الحرام ووسع فيه ، وأقام بمكة عشرين ليلة ، وتزوج في مكة ابنة حفص بن المغيرة ، فأخبر أنها عاقر فطلقها قبل أن يدخل بها ، فرجعت إلى زوجها الأول .

وفي هذه العمرة: أمر بتجديد أنصاب الحرم ، وأمر بذلك مخرمة بن نوفل ، وأزهر بن [عبد] عوف ، وحويطب بن عبد العزى ، وسعيد بن يربوع .

ومر عمر في طريقه فكلمه أهل المياه أن يبتنوا منازل بين مكة والمدينة ، فأذن لهم وشرط عليهم أن ابن السبيل أحق بالظل والماء .

[عزل المغيرة عن البصرة ، وولاية أبي موسى الأشعري ]

وفي هذه السنة ولى عمر أبا موسى الأشعري البصرة ، وأمره أن يشخص إليه المغيرة لأجل الحدث الذي قيل عنه .

قال علماء السير: كان المغيرة يختلف إلى أم جميل -امرأة من بني هلال - وليس لها زوج ، فأعظم ذلك أهل البصرة ، فدخل عليها يوما وقد وضعوا له الرصد ، فكشفوا الستر فرأوه قد واقعها ، فركب أبو بكرة إلى عمر رضي الله عنه ، فقص عليه القصة ، وكان معه نافع بن كلدة ، وزياد ، وشبل بن معبد ، وهم الذين شهدوا على المغيرة .

فقال المغيرة : هؤلاء الأعبد كيف رأوني؟ إن كان استقبلوني فكيف لم أستتر ، أو [ ص: 232 ] استدبروني فبأي شيء استحلوا النظر إلي في منزلي على امرأتي ، والله ما أتيت إلا امرأتي -وكانت تشبهها- فشهد أبو بكرة أنه رآه بين رجلي أم جميل وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة ، وشهد شبل مثل ذلك ، وشهد نافع مثل ذلك ، ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم ، وإنما قال: رأيته جالسا بين رجلي امرأة ، ورأيت قدمين مخضوبتين تخفقان ، واستين مكشوفين ، وسمعت حفزانا شديدا ، فقال له: هل رأيت كالميل في المكحلة؟

قال: لا ، قال: فهل تعرف المرأة؟ قال: لا ، ولكن أشبهها ، قال: فتنح ، وأمر بالثلاثة فجلدوا الحد . وقرأ: فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون .

وقد قيل: إن هذا كان في سنة خمس عشرة .

قال مؤلف الكتاب: من الجائز أن يكون قد تزوجها ولم يعلم أحدا ، وقد كانت تشبه زوجته .

قال ابن عقيل : للفقهاء تأويلات ، فقد كانت المتعة عقدا في الشرع ، وكان نكاح السر عند قوم زنا ، ولا يجوز أن ينسب إلى الصحابي ما لا يجوز؛ لأنه جهل بمقدار الضرر في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية