الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الخامسة :

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : " لعلكم تتقون " : فيه ثلاثة أقوال الأول : لعلكم تتقون ما حرم عليكم فعله .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : لعلكم تضعفون فتتقون ; فإنه كلما قل الأكل ضعفت الشهوة ، وكلما ضعفت الشهوة قلت المعاصي .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : لعلكم تتقون ما فعل من كان قبلكم .

                                                                                                                                                                                                              روي أن النصارى بدلته إلى الزمان المعتدل ، وزادت فيه كفارة عشرة أيام ; وكلها صحيحة ، ومرادة بالآية ، إلا أن الأول [ حقيقة ، والثاني مجاز حسن ، والأول والثاني معصية ] ، والثالث كفر .

                                                                                                                                                                                                              وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الشك على معنى الاحتياط للعبادة ; وذلك لأن العبادة إنما يحتاط لها إذا وجبت ، وقبل ألا تجب لا احتياط شرعا ، وإنما تكون بدعة ومكروها .

                                                                                                                                                                                                              وقد قال صلى الله عليه وسلم منبها على ذلك : { لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين خوفا أن يقول القائل : أتلقى رمضان بالعبادة } .

                                                                                                                                                                                                              وقد رويت عنه صلى الله عليه وسلم فيه عدم الزيادة فقال : { إذا [ ص: 109 ] انتصف شعبان فلا يصم أحد حتى يدخل رمضان } .

                                                                                                                                                                                                              وقد شنع أهل الجهالة بأن يقولوا نشيع رمضان ; ولا تتلقى العبادة ولا تشيع ، إنما تحفظ في نفسها وتحرس من زيادة فيها أو نقصان منها .

                                                                                                                                                                                                              ولذلك كره علماء الدين أن تصام الأيام الستة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها : { من صام رمضان وستا من شوال ، فكأنما صام الدهر كله } متصلة برمضان مخافة أن يعتقد أهل الجهالة أنها من رمضان ، ورأوا أن صومها من ذي القعدة إلى شعبان أفضل ; لأن المقصود منها حاصل بتضعيف الحسنة بعشرة أمثالها متى فعلت ; بل صومها في الأشهر الحرم وفي شعبان أفضل ، ومن اعتقد أن صومها مخصوص بثاني يوم العيد فهو مبتدع سالك سنن أهل الكتاب في الزيادات ، داخل في وعيد الشرع حيث قال : { لتركبن سنن من كان قبلكم } الحديث .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية