الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة عشرة : تعلق من رأى اختصاص الخلع بحالة الشقاق بقوله تعالى : { فإن خفتم ألا يقيما حدود الله } فشرط ذلك ، ولا حجة لهم فيه ; لأن الله تعالى لم يذكره على جهة الشرط ; وإنما ذكره لأنه الغالب من أحوال الخلع ; فخرج القول على الغالب ولحق النادر به ، كالعدة وضعت لبراءة الرحم ، ثم لحق بها البرية الرحم وهي الصغيرة واليائسة ، والذي يقطع العذر ويوجب العلم قوله : { فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا } فإذا أعطتك مالها برضاها من صداق وغيره فخذه .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة عشرة : هذا يدل على أن الخلع طلاق ، خلافا لقول الشافعي في القديم إنه فسخ . وفائدة الخلاف أنه إن كان فسخا لم يعد طلقة .

                                                                                                                                                                                                              قال الشافعي : لأن الله تعالى ذكر الطلاق مرتين ، وذكر الخلع بعده ، وذكر الثالث بقوله تعالى : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } وهذا غير صحيح ، لأنه لو كان كل مذكور في معرض هذه الآيات لا يعد طلاقا لوقوع الزيادة على الثلاث لما كان قوله تعالى : { أو تسريح بإحسان } طلاقا ، لأنه يزيد به على الثلاث ، ولا يفهم هذا إلا غبي أو متغاب ; لأن الله تعالى قال : { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } فإن وقع شيء من هذا الطلاق بعوض كان ذلك راجعا إلى الأولى والثانية دون الثالثة التي هي { أو تسريح بإحسان } حسبما تقدم ; فلا جناح عليه فيه ، فإن طلقها ثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره كان بفدية أو بغير فدية ، وقد بينا فساد قولهم : إن الخلع فسخ في مسائل الخلاف .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الخامسة عشرة : { تلك حدود الله فلا تعتدوها } فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                              الأول : قيل : هي في النكاح خاصة ، وهو قول الأكثر .

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 265 ] الثاني : أنها الطاعة ، يروى عن ابن عباس وغيره . وهو الأصح ; لأنه إذا كان أحد الزوجين لا يطيع الله تعالى ولا يطيع صاحبه في الله فلا خير لهما في الاجتماع ، وبه أقول .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية