الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            1201 - ( وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : { قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس : إنا لنجد في كتاب الله تعالى في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله عز وجل فيها شيئا إلا قضى له حاجته . قال عبد الله : فأشار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعض ساعة ، فقلت : صدقت أو بعض ساعة ، قلت : أي ساعة هي ؟ قال آخر ساعة من ساعات النهار ، قلت : إنها ليست ساعة صلاة ؟ قال : بلى إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يجلسه إلا الصلاة فهو في صلاة } رواه ابن ماجه ) .

                                                                                                                                            1202 - ( وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله عز وجل فيها خيرا إلا أعطاه إياه ، وهي بعد العصر } رواه أحمد ) .

                                                                                                                                            1203 - ( وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة ، منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله تعالى شيئا إلا آتاه إياه ، والتمسوها آخر ساعة بعد العصر } رواه النسائي وأبو داود ) .

                                                                                                                                            [ ص: 293 ] وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة فتفرقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة . رواه سعيد في سننه . وقال أحمد بن حنبل : أكثر الأحاديث في الساعة التي يرجى فيها إجابة الدعاء أنها بعد صلاة العصر ، ويرجى بعد زوال الشمس ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول رفعه ابن ماجه كما ذكر المصنف ، وهو من طريق أبي النضر عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال : " قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس " الحديث . ورواه مالك وأصحاب السنن وابن خزيمة وابن حبان من طريق محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن عبد الله بن سلام من قوله . والحديث الثاني رواه أيضا البزار عنهما بإسناد قال العراقي : صحيح . وقال في مجمع الزوائد : ورجالهما رجال الصحيح والحديث الثالث أخرجه الحاكم في مستدركه وقال : صحيح على شرط مسلم ، وحسن الحافظ في الفتح إسناده . والأثر الذي رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جماعة من الصحابة ، قال الحافظ في الفتح : إسناده صحيح .

                                                                                                                                            وفي الباب عن أنس عند الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم : { التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس } وفي إسناده محمد بن أبي حميد وهو ضعيف ، وقد تابعه ابن لهيعة كما رواه الطبراني في الأوسط وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تقدم أول الباب . وعن أبي ذر عند ابن عبد البر في التمهيد وابن المنذر . وعن سلمان أشار إليه الترمذي .

                                                                                                                                            والأحاديث المذكورة في الباب تدل على أن الساعة التي تقدم الخلاف في تعيينها هي آخر ساعة من يوم الجمعة ، وقد تقدم بسط الخلاف في ذلك وبيان الجمع بين بعض الأحاديث والترجيح بين بعض آخر

                                                                                                                                            والقول بأنها آخر ساعة من اليوم هو أرجح الأقوال ، وإليه ذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة ، ولا يعارض ذلك الأحاديث الواردة بأنها بعد العصر بدون تعيين آخر ساعة ، لأنها تحمل على الأحاديث المقيدة بأنها آخر ساعة ، وحمل المطلق على المقيد متعين كما تقرر في الأصول . وأما الأحاديث المصرحة بأنها وقت الصلاة فقد عرفت أنها مرجوحة ، ويبقى الكلام في حديث أبي سعيد الذي أخرجه أحمد وابن خزيمة والحاكم بلفظ : { سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال : قد علمتها ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر } قال العراقي : ورجاله رجال الصحيح .

                                                                                                                                            ويجاب عنه بأن نسيانه صلى الله عليه وسلم لها لا يقدح في الأحاديث الصحيحة الواردة بتعيينها لاحتمال أنه سمع منه صلى الله عليه وسلم التعيين قبل النسيان كما قال البيهقي ، وقد بلغنا صلى الله عليه وسلم تعيين وقتها ، فلا يكون إنساؤه ناسخا للتعيين المتقدم .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية