الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب الصائم يتمضمض أو يغتسل من الحر

                                                                                                                                            1654 - ( عن عمر قال : { هششت يوما فقبلت وأنا صائم ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت صنعت اليوم أمرا عظيما ، قبلت وأنا صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم ؟ قلت : لا بأس بذلك ، فقال : ففيم } ؟ رواه أحمد وأبو داود ) .

                                                                                                                                            1655 - ( وعن أبي بكر بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصب الماء على رأسه من الحر وهو صائم } . رواه أحمد وأبو داود ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول أخرجه أيضا النسائي وقال : إنه منكر . وقال أبو بكر البزار : لا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم .

                                                                                                                                            والحديث [ ص: 249 ] الثاني أخرجه النسائي ورجال إسناده رجال الصحيح . قوله : ( هششت ) بشينين معجمتين أي نشطت وارتحت ، والهشاش في الأصل : الارتياح والخفة والنشاط ، كذا في القاموس . قوله : ( أرأيت لو تمضمضت . . . إلخ ) فيه إشارة إلى فقه بديع وهو أن المضمضة لا تنقص الصوم وهي أول الشرب ومفتاحه ، فكذلك القبلة لا تنقصه وهي من دواعي الجماع وأوائله التي تكون مفتاحا له ، والشرب يفسد الصوم كما يفسده الجماع ، فكما ثبت عن عمر أن أوائل الشرب لا تفسد الصيام كذلك أوائل الجماع لا تفسده ، وسيأتي الخلاف في التقبيل . قوله : ( يصب الماء على رأسه . . . إلخ ) فيه دليل على أنه يجوز للصائم أن يكسر الحر بصب الماء على بعض بدنه أو كله ، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور ، ولم يفرقوا بين الأغسال الواجبة والمسنونة والمباحة .

                                                                                                                                            وقالت الحنفية : إنه يكره الاغتسال للصائم ، واستدلوا بما أخرجه عبد الرزاق عن علي من النهي عن دخول الصائم الحمام ، ومع كونه أخص من محل النزاع في إسناده ضعف كما قال الحافظ . واعلم أنه يكره للصائم المبالغة في المضمضة والاستنشاق لحديث الأمر بالمبالغة في ذلك إلا أن يكون صائما وقد تقدم . واختلف إذا دخل من ماء المضمضة والاستنشاق إلى جوفه خطأ ، فقالت الحنفية والقاسمية ومالك والشافعي في أحد قوليه والمزني : إنه يفسد الصوم . وقال أحمد بن حنبل وإسحاق والأوزاعي والناصر والإمام يحيى وأصحاب الشافعي : إنه لا يفسد الصوم كالناسي . وقال زيد بن علي : يفسد الصوم بعد الثلاث المرات . وقال الصادق : يفسد إذا كان التمضمض لغير قربة . وقال الحسن البصري والنخعي : إنه يفسد إن لم يكن لفريضة .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية