الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السابعة : أصل خلق الأشياء كلها من الماء لما رواه ابن ماجه في سننه ، وأبو حاتم البستي في صحيح مسنده عن أبي هريرة قال قلت : يا رسول الله ، إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني ، أنبئني عن كل شيء . قال : كل شيء خلق من الماء فقلت : أخبرني عن شيء إذا عملت به دخلت الجنة . قال : أطعم الطعام وأفش السلام ، وصل الأرحام ، وقم الليل والناس نيام تدخل الجنة بسلام . قال أبو حاتم : قول أبي هريرة : " أنبئني عن كل شيء " أراد به عن كل شيء خلق من الماء . والدليل على صحة هذا - جواب المصطفى عليه السلام إياه حيث قال : كل شيء خلق من الماء وإن لم يكن مخلوقا . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أول شيء خلقه الله القلم وأمره فكتب كل شيء يكون ويروى ذلك أيضا عن عبادة بن الصامت مرفوعا . قال البيهقي : وإنما أراد والله أعلم : أول شيء خلقه بعد خلق الماء والريح والعرش " القلم " . وذلك بين في حديث عمران بن حصين ، ثم خلق السماوات والأرض . وذكر عبد الرزاق بن عمر بن حبيب المكي [ ص: 246 ] عن حميد بن قيس الأعرج عن طاوس قال : جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فسأله : مم خلق الخلق ؟ قال : من الماء والنور والظلمة والريح والتراب . قال الرجل : فمم خلق هؤلاء ؟ قال : لا أدري . قال : ثم أتى الرجل عبد الله بن الزبير فسأله ، فقال مثل قول عبد الله بن عمرو . قال : فأتى الرجل عبد الله بن عباس فسأله ، فقال : مم خلق الخلق ؟ قال : من الماء والنور والظلمة والريح والتراب . قال الرجل : فمم خلق هؤلاء ؟ فتلا عبد الله بن عباس : وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه فقال الرجل : ما كان ليأتي بهذا إلا رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم . قال البيهقي : أراد أن مصدر الجميع منه ، أي من خلقه وإبداعه واختراعه . خلق الماء أولا ، أو الماء وما شاء من خلقه لا عن أصل ولا على مثال سبق ، ثم جعله أصلا لما خلق بعد ، فهو المبدع ، وهو البارئ لا إله غيره ولا خالق سواه ، سبحانه جل وعز .

التالي السابق


الخدمات العلمية