الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون .

قوله تعالى : أم اتخذوا من دون الله شفعاء أي بل اتخذوا يعني الأصنام ، وفي الكلام ما يتضمن لم ، أي : إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ، لم يتفكروا ولكنهم اتخذوا آلهتهم شفعاء . قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون أي قل لهم يا محمد : أتتخذونهم شفعاء وإن كانوا لا يملكون شيئا من الشفاعة ولا يعقلون لأنها جمادات . وهذا استفهام إنكار .

قل لله الشفاعة جميعا نص في أن الشفاعة لله وحده كما قال : من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه فلا شافع إلا من شفاعته " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " . " جميعا " نصب على [ ص: 236 ] الحال . فإن قيل : جميعا إنما يكون للاثنين فصاعدا ، والشفاعة واحدة . فالجواب " أن الشفاعة مصدر ، والمصدر يؤدي عن الاثنين والجميع

قوله تعالى وإذا ذكر الله وحده نصب على المصدر عند الخليل وسيبويه ، وعلى الحال عند يونس . " اشمأزت " قال المبرد : انقبضت . وهو قول ابن عباس ومجاهد . وقال قتادة : نفرت واستكبرت وكفرت وتعصت . وقال المؤرج : أنكرت . وأصل الاشمئزاز النفور والازورار . قال عمرو بن كلثوم :

إذا عض الثقاف بها اشمأزت وولتهم عشوزنة زبونا

وقال أبو زيد : اشمأز الرجل ذعر من الفزع وهو المذعور . وكان المشركون إذا قيل لهم " لا إله إلا الله " نفروا وكفروا . وإذا ذكر الذين من دونه يعني الأوثان حين ألقى الشيطان في أمنية النبي - صلى الله عليه وسلم - عند قراءته سورة [ النجم ] تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهم ترتجى . قاله جماعة المفسرين . إذا هم يستبشرون أي يظهر في وجوههم البشر والسرور .

التالي السابق


الخدمات العلمية