[ ص: 61 ] القول في تأويل قوله تعالى (
nindex.php?page=treesubj&link=28974_29647_28669nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ( 101 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وكيف تكفرون " ، أيها المؤمنون بعد إيمانكم بالله وبرسوله ، فترتدوا على أعقابكم "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وأنتم تتلى عليكم آيات الله " ، يعني : حجج الله عليكم التي أنزلها في كتابه على نبيه
محمد صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وفيكم رسوله " حجة أخرى عليكم لله ، مع آي كتابه ، يدعوكم جميع ذلك إلى الحق ، ويبصركم الهدى والرشاد ، وينهاكم عن الغي والضلال ؟ . يقول لهم تعالى ذكره : فما وجه عذركم عند ربكم في جحودكم نبوة نبيكم ، وارتدادكم على أعقابكم ، ورجوعكم إلى أمر جاهليتكم ، إن أنتم راجعتم ذلك وكفرتم ، وفيه هذه الحجج الواضحة والآيات البينة على خطأ فعلكم ذلك إن فعلتموه ؟ كما : -
7533 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله " الآية ، علمان بينان : وجدان نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وكتاب الله . فأما نبي الله فمضى صلى الله عليه وسلم . وأما كتاب الله ، فأبقاه الله بين أظهركم رحمة من الله ونعمة ، فيه حلاله وحرامه ، وطاعته ومعصيته .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28974_19881_19888قوله : " nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم " ، فإنه يعني : ومن يتعلق بأسباب الله ، ويتمسك بدينه وطاعته " فقد هدي " ، يقول : فقد وفق لطريق واضح ، ومحجة مستقيمة غير معوجة ، فيستقيم به إلى رضى الله ، وإلى النجاة من عذاب الله والفوز بجنته ، كما : -
[ ص: 62 ]
7534 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101ومن يعتصم بالله فقد هدي " قال : يؤمن بالله .
وأصل "العصم " المنع ، فكل مانع شيئا فهو "عاصمه " ، والممتنع به "معتصم به " ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
أنا ابن العاصمين بني تميم إذا ما أعظم الحدثان نابا
ولذلك قيل للحبل "عصام " ، وللسبب الذي يتسبب به الرجل إلى حاجته "عصام " ، ومنه قول
الأعشى :
إلى المرء قيس أطيل السرى وآخذ من كل حي عصم
يعني ب "العصم " الأسباب ، أسباب الذمة والأمان . يقال منه : "اعتصمت بحبل من فلان " و"اعتصمت حبلا منه " و"اعتصمت به واعتصمته " ، وأفصح اللغتين إدخال "الباء " ، كما قال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103واعتصموا بحبل الله جميعا ) ، وقد جاء : "اعتصمته " ، كما الشاعر :
إذا أنت جازيت الإخاء بمثله وآسيتني ، ثم اعتصمت حباليا
[ ص: 63 ] فقال : "اعتصمت حباليا " ، ولم يدخل "الباء " . وذلك نظير قولهم : "تناولت الخطام ، وتناولت بالخطام " ، و "تعلقت به وتعلقته " ، كما قال الشاعر :
تعلقت هندا ناشئا ذات مئزر وأنت وقد قارفت ، لم تدر ما الحلم
وقد بينت معنى "الهدى " ، "والصراط " ، وأنه معني به الإسلام ، فيما مضى قبل بشواهده ، فكرهنا إعادته في هذا الموضع .
وقد ذكر أن الذي نزل في سبب تحاوز القبيلين
الأوس والخزرج ، كان من قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله " .
ذكر من قال ذلك :
7535 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
حسن بن عطية قال : حدثنا
قيس بن الربيع ، عن
الأغر بن الصباح ، عن
خليفة بن حصين ، عن
أبي نصر ، عن
ابن عباس قال : كانت
الأوس والخزرج بينهم حرب في الجاهلية كل شهر ،
[ ص: 64 ] فبينما هم جلوس إذ ذكروا ما كان بينهم حتى غضبوا ، فقام بعضهم إلى بعض بالسلاح ، فنزلت هذه الآية : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله " إلى آخر الآيتين ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء " إلى آخر الآية .
[ ص: 61 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=treesubj&link=28974_29647_28669nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 101 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ " ، أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ، فَتَرْتَدُّوا عَلَى أَعْقَابِكُمْ "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ " ، يَعْنِي : حُجَجُ اللَّهِ عَلَيْكُمُ الَّتِي أَنْزَلَهَا فِي كِتَابِهِ عَلَى نَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَفِيكُمْ رَسُولُهُ " حُجَّةٌ أُخْرَى عَلَيْكُمْ لِلَّهِ ، مَعَ آيِ كِتَابِهِ ، يَدْعُوكُمْ جَمِيعُ ذَلِكَ إِلَى الْحَقِّ ، وَيُبَصِّرُكُمُ الْهُدَى وَالرَّشَادَ ، وَيَنْهَاكُمْ عَنِ الْغَيِّ وَالضَّلَالِ ؟ . يَقُولُ لَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَمَا وَجْهُ عُذْرِكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ فِي جُحُودِكُمْ نُبُوَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَارْتِدَادِكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ، وَرُجُوعِكُمْ إِلَى أَمْرِ جَاهِلِيَّتِكُمْ ، إِنْ أَنْتُمْ رَاجَعْتُمْ ذَلِكَ وَكَفَرْتُمْ ، وَفِيهِ هَذِهِ الْحُجَجُ الْوَاضِحَةُ وَالْآيَاتُ الْبَيِّنَةُ عَلَى خَطَأِ فِعْلِكُمْ ذَلِكَ إِنْ فَعَلْتُمُوهُ ؟ كَمَا : -
7533 - حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ " الْآيَةُ ، عَلَمَانِ بَيِّنَانِ : وُجْدَانُ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكِتَابُ اللَّهِ . فَأَمَّا نَبِيُّ اللَّهِ فَمَضَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَمَّا كِتَابُ اللَّهِ ، فَأَبْقَاهُ اللَّهُ بَيْنَ أَظْهُرِكِمْ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً ، فِيهِ حَلَالُهُ وَحَرَامُهُ ، وَطَاعَتُهُ وَمَعْصِيَتُهُ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28974_19881_19888قَوْلُهُ : " nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " ، فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَمَنْ يَتَعَلَّقْ بِأَسْبَابِ اللَّهِ ، وَيَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ وَطَاعَتِهِ " فَقَدْ هُدِيَ " ، يَقُولُ : فَقَدْ وُفِّقَ لِطَرِيقٍ وَاضِحٍ ، وَمَحَجَّةٍ مُسْتَقِيمَةٍ غَيْرِ مُعْوَجَّةٍ ، فَيَسْتَقِيمُ بِهِ إِلَى رِضَى اللَّهِ ، وَإِلَى النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَالْفَوْزِ بِجَنَّتِهِ ، كَمَا : -
[ ص: 62 ]
7534 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ " قَالَ : يُؤْمِنُ بِاللَّهِ .
وَأَصْلُ "الْعَصْمِ " الْمَنْعُ ، فَكُلُّ مَانِعٍ شَيْئًا فَهُوَ "عَاصِمُهُ " ، وَالْمُمْتَنِعُ بِهِ "مُعْتَصِمٌ بِهِ " ، وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقِ :
أَنَا ابْنُ الْعَاصِمِينَ بَنِي تَمِيمٍ إِذَا مَا أَعْظَمُ الْحَدَثَانِ نَابَا
وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلْحَبْلِ "عِصَامٌ " ، وَلِلسَّبَبِ الَّذِي يَتَسَبَّبُ بِهِ الرَّجُلُ إِلَى حَاجَتِهِ "عِصَامٌ " ، وَمِنْهُ قَوْلُ
الْأَعْشَى :
إِلَى الْمَرْءِ قَيْسٍ أُطِيلُ السُّرَى وَآخُذُ مِنْ كُلِّ حَيٍّ عُصُمْ
يَعْنِي بِ "الْعُصُمِ " الْأَسْبَابَ ، أَسْبَابَ الذِّمَّةِ وَالْأَمَانِ . يُقَالُ مِنْهُ : "اعْتَصَمْتُ بِحَبْلٍ مِنْ فُلَانٍ " وَ"اعْتَصَمْتُ حَبْلًا مِنْهُ " وَ"اعْتَصَمْتُ بِهِ وَاعْتَصَمْتُهُ " ، وَأَفْصَحُ اللُّغَتَيْنِ إِدْخَالُ "الْبَاءِ " ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ) ، وَقَدْ جَاءَ : "اعْتَصَمْتُهُ " ، كَمَا الشَّاعِرُ :
إِذَا أَنْتَ جَازَيْتَ الْإِخَاءَ بِمِثْلِهِ وَآسَيْتَنِي ، ثُمَّ اعْتَصَمْتَ حِبَالِيَا
[ ص: 63 ] فَقَالَ : "اعْتَصَمْتَ حِبَالِيَا " ، وَلَمْ يُدْخِلِ "الْبَاءَ " . وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ : "تَنَاوَلْتُ الْخِطَامَ ، وَتَنَاوَلْتُ بِالْخِطَامِ " ، وَ "تَعَلَّقْتُ بِهِ وَتَعَلَّقْتُهُ " ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
تَعَلَّقْتَ هِنْدًا نَاشِئًا ذَاتَ مِئْزَرٍ وَأَنْتَ وَقَدَ قَارَفْتَ ، لَمْ تَدْرِ مَا الْحِلْمُ
وَقَدْ بَيَّنْتُ مَعْنَى "الْهُدَى " ، "وَالصِّرَاطِ " ، وَأَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ الْإِسْلَامُ ، فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِشَوَاهِدِهِ ، فَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ .
وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ الَّذِي نَزَلَ فِي سَبَبِ تَحَاوُزِ الْقَبِيلَيْنِ
الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، كَانَ مِنْ قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ " .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
7535 - حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
حَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنِ
الْأَغَرِّ بْنِ الصَّبَّاحِ ، عَنْ
خَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ ، عَنْ
أَبِي نَصْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَتِ
الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُلُّ شَهْرٍ ،
[ ص: 64 ] فَبَيْنَمَا هُمْ جُلُوسٌ إِذْ ذَكَرُوا مَا كَانَ بَيْنَهُمْ حَتَّى غَضِبُوا ، فَقَامَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ بِالسِّلَاحِ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ " إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً " إِلَى آخِرِ الْآيَةِ .