الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : وتعلقوا بأسباب الله جميعا . يريد بذلك تعالى ذكره : وتمسكوا بدين الله الذي أمركم به ، وعهده الذي عهده إليكم في كتابه إليكم ، من الألفة والاجتماع على كلمة الحق ، والتسليم لأمر الله .

وقد دللنا فيما مضى قبل على معنى "الاعتصام "

وأما "الحبل " فإنه السبب الذي يوصل به إلى البغية والحاجة ، ولذلك سمي الأمان "حبلا " ، لأنه سبب يوصل به إلى زوال الخوف ، والنجاة من الجزع والذعر ، ومنه قول أعشى بني ثعلبة :

وإذا تجوزها حبال قبيلة أخذت من الأخرى إليك حبالها [ ص: 71 ]

ومنه قول الله عز وجل : ( إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) [ سورة آل عمران : 112 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

7562 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا العوام ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، قال : الجماعة .

7563 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : حدثنا هشيم ، عن العوام ، عن الشعبي ، عن عبد الله في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، قال : حبل الله ، الجماعة .

وقال آخرون : عنى بذلك القرآن والعهد الذي عهد فيه .

ذكر من قال ذلك :

7564 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، حبل الله المتين الذي أمر أن يعتصم به : هذا القرآن .

7565 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " قال : بعهد الله وأمره . [ ص: 72 ]

7566 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن شقيق ، عن عبد الله قال : إن الصراط محتضر تحضره الشياطين ، ينادون : يا عبد الله ، هلم هذا الطريق! ليصدوا عن سبيل الله ، . فاعتصموا بحبل الله ، فإن حبل الله هو كتاب الله .

7567 - حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، عن أسباط ، عن السدي : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، أما "حبل الله " ، فكتاب الله .

7568 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " بحبل الله " ، بعهد الله .

7569 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء : " بحبل الله " ، قال : العهد .

7570 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله : " واعتصموا بحبل الله " قال : حبل الله : القرآن .

7571 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، قال : القرآن .

7572 - حدثنا سعيد بن يحيى قال : حدثنا أسباط بن محمد ، عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كتاب الله ، هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض . [ ص: 73 ]

وقال آخرون : بل ذلك هو إخلاص التوحيد لله .

ذكر من قال ذلك :

7573 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، يقول : اعتصموا بالإخلاص لله وحده .

7574 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا " ، قال : الحبل ، الإسلام . وقرأ " ولا تفرقوا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية