الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - لعباده : احذروا يوم يجمع الله الرسل فيقول لهم : ماذا أجابتكم أممكم في الدنيا " إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس " .

ف " إذ " من صلة " أجبتم " كأن معناها : ماذا أجابت عيسى الأمم التي أرسل إليها عيسى . [ ص: 213 ]

فإن قال قائل : وكيف سئلت الرسل عن إجابة الأمم إياها في عهد عيسى ، ولم يكن في عهد عيسى من الرسل إلا أقل ذلك؟

قيل : جائز أن يكون الله - تعالى ذكره - عنى بقوله : " فيقول ماذا أجبتم " الرسل الذين كانوا أرسلوا في عهد عيسى ، فخرج الخبر مخرج الجميع ، والمراد منهم من كان في عهد عيسى ، كما قال - تعالى ذكره - : الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم [ سورة آل عمران : 173 ] ، والمراد واحد من الناس ، وإن كان مخرج الكلام على جميع الناس .

قال أبو جعفر : ومعنى الكلام : " إذ قال الله " حين قال " يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس " يقول : يا عيسى اذكر أيادي عندك وعند والدتك ، إذ قويتك بروح القدس وأعنتك به .

وقد اختلف أهل العربية في " أيدتك " ما هو من الفعل .

فقال بعضهم : هو " فعلتك " " من الأيد " كما قولك : " قويتك " " فعلت " من " القوة " .

وقال آخرون : بل هو " فاعلتك " من " الأيد " . [ ص: 214 ]

وروي عن مجاهد أنه قرأ : ( إذ آيدتك ) ، بمعنى " أفعلتك " من القوة والأيد . .

وقوله : " بروح القدس " يعني : بجبريل . يقول : إذ أعنتك بجبريل .

وقد بينت معنى ذلك ، وما معنى " القدس " فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية