الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 481 ] القول في تأويل قوله ( فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ( 53 ) )

قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء المشركين الذين وصف صفتهم ، أنهم يقولون عند حلول سخط الله بهم ، وورودهم أليم عذابه ، ومعاينتهم تأويل ما كانت رسل الله تعدهم : هل لنا من أصدقاء وأولياء اليوم فيشفعوا لنا عند ربنا ، فتنجينا شفاعتهم عنده مما قد حل بنا من سوء فعالنا في الدنيا أو نرد إلى الدنيا مرة أخرى ، فنعمل فيها بما يرضيه ويعتبه من أنفسنا؟ قال هذا القول المساكين هنالك ، لأنهم كانوا عهدوا في الدنيا أنفسهم لها شفعاء تشفع لهم في حاجاتهم ، فيذكروا ذلك في وقت لا خلة فيه لهم ولا شفاعة .

يقول الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : " قد خسروا أنفسهم " ، يقول : غبنوا أنفسهم حظوظها ، ببيعهم ما لا خطر له من نعيم الآخرة الدائم ، بالخسيس من عرض الدنيا الزائل " وضل عنهم ما كانوا يفترون " ، يقول : وأسلمهم لعذاب الله ، وحار عنهم أولياؤهم ، الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ، ويزعمون كذبا وافتراء أنهم أربابهم من دون الله .

14772 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : " قد خسروا أنفسهم " ، يقول : شروها بخسران . [ ص: 482 ]

وإنما رفع قوله : " أو نرد " ولم ينصب عطفا على قوله : " فيشفعوا لنا " ، لأن المعنى : هل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو هل نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل؟ ولم يرد به العطف على قوله : " فيشفعوا لنا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية