الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض )

قال أبو جعفر : فقال الذين قيل لهم : ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ) - بعد أن علموا واستقر عندهم ، أن الذي أمرهم به موسى من ذلك عن أمر الله من ذبح بقرة - جد وحق ، ( ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) ، فسألوا موسى أن يسأل ربه لهم ما كان الله قد كفاهم بقوله لهم : " اذبحوا بقرة " . لأنه جل ثناؤه إنما أمرهم بذبح بقرة من البقر - أي بقرة شاءوا ذبحها من غير أن يحصر لهم ذلك على نوع منها دون نوع أو صنف دون صنف - فقالوا بجفاء أخلاقهم وغلظ طبائعهم ، وسوء أفهامهم ، وتكلف ما قد وضع الله عنهم مئونته ، تعنتا منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما : -

1183 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : لما قال لهم موسى : ( أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) . قالوا له يتعنتونه : ( ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) .

فلما تكلفوا جهلا منهم ما تكلفوا من البحث عما كانوا قد كفوه من صفة البقرة التي أمروا بذبحها ، تعنتا منهم نبيهم موسى صلوات الله عليه ، بعد الذي كانوا أظهروا له من سوء الظن به فيما أخبرهم عن الله جل ثناؤه ، بقولهم : ( أتتخذنا هزوا ) - عاقبهم عز وجل بأن حصر ذبح ما كان أمرهم بذبحه [ ص: 190 ] من البقر على نوع منها دون نوع ، فقال لهم جل ثناؤه - إذ سألوه فقالوا : ما هي ؟ ما صفتها ؟ وما حليتها ؟ حلها لنا لنعرفها ! - قال : ( إنها بقرة لا فارض ولا بكر ) .

يعني بقوله جل ثناؤه : ( لا فارض ) لا مسنة هرمة . يقال منه : فرضت البقرة تفرض فروضا " ، يعني بذلك : أسنت . ومن ذلك قول الشاعر :


يا رب ذي ضغن علي فارض له قروء كقروء الحائض

يعنى بقوله : " فارض " ، قديم . يصف ضغنا قديما . ومنه قول الآخر :


لها زجاج ولهاة فارض     حدلاء كالوطب نحاه الماخض

[ ص: 191 ] وبمثل الذي قلنا في تأويل " فارض " قال المتأولون :

ذكر من قال ذلك :

1184 - حدثني علي بن سعيد الكندي قال ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن خصيف ، عن مجاهد : ( لا فارض ) ، قال : لا كبيرة .

1185 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن عطية قال ، حدثنا شريك ، عن خصيف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أو عن عكرمة ، شك شريك - : ( لا فارض ) ، قال : الكبيرة .

1185 - حدثني محمد بن سعد قال ، أخبرني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( لا فارض ) ، الفارض : الهرمة .

1186 - حدثت عن المنجاب قال ، حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : ( لا فارض ) ، يقول : ليست بكبيرة هرمة .

1187 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج : عن عطاء الخراساني عن ابن عباس : ( لا فارض ) ، الهرمة .

1188 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " الفارض " الكبيرة .

1189 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال ، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال ، [ ص: 192 ] حدثنا شريك ، عن خصيف ، عن مجاهد قوله : ( لا فارض ) ، قال : الكبيرة .

1190 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : ( لا فارض ) ، يعني : لا هرمة .

1191 - حدثت عن عمار قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع مثله .

1192 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : " الفارض " ، الهرمة .

1193 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، قال معمر ، قال قتادة : " الفارض " الهرمة . يقول : ليست بالهرمة ولا البكر عوان بين ذلك .

1194 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " الفارض " ، الهرمة التي لا تلد .

1195 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : " الفارض " ، الكبيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية