الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 509 ] القول في تأويل قوله : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ( 113 ) وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : ما كان ينبغي للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - والذين آمنوا به " أن يستغفروا " يقول : أن يدعوا بالمغفرة للمشركين ، ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم " أولي قربى " ذوي قرابة لهم " من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " يقول : من بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان ، وتبين لهم أنهم من أهل النار ؛ لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك ، فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله . فإن قالوا : فإن إبراهيم قد استغفر لأبيه وهو مشرك ؟ فلم يكن استغفار إبراهيم لأبيه إلا لموعدة وعدها إياه . فلما تبين له وعلم أنه لله عدو ، خلاه وتركه ، وترك الاستغفار له ، وآثر الله وأمره عليه ، فتبرأ منه حين تبين له أمره .

واختلف أهل التأويل في السبب الذي نزلت هذه الآية فيه .

فقال بعضهم : نزلت في شأن أبي طالب عم النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يستغفر له بعد موته ، فنهاه الله عن ذلك .

ذكر من قال ذلك :

17324 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة ، دخل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال : يا عم قل : لا إله إلا الله ، كلمة [ ص: 510 ] أحاج لك بها عند الله . فقال له أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك . فنزلت : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " . ونزلت : ( إنك لا تهدي من أحببت ) [ القصص : 56 ] .

17325 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال : حدثنا عمي عبد الله بن وهب قال : حدثني يونس ، عن الزهري قال : أخبرني سعيد بن المسيب ، عن أبيه ، قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة ، جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا عم قل : لا إله إلا الله ، كلمة أشهد لك بها عند الله . قال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب . فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه ويعيد له تلك المقالة ، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : " هو على ملة عبد المطلب " . وأبى أن يقول : " لا إله إلا الله " فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك . فأنزل الله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله : ( إنك لا تهدي من أحببت ) الآية .

17326 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا [ ص: 511 ] عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " قال : يقول المؤمنون : ألا نستغفر لآبائنا وقد استغفر إبراهيم لأبيه كافرا ؟ فأنزل الله : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " الآية .

17327 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن عمرو بن دينار : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك ، فلا أزال أستغفر لأبي طالب حتى ينهاني عنه ربي . فقال أصحابه : لنستغفرن لآبائنا كما استغفر النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه . فأنزل الله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " إلى قوله : " تبرأ منه " .

17328 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب قال : لما حضر أبا طالب الوفاة أتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل بن هشام . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي عم ، إنك أعظم الناس علي حقا ، وأحسنهم عندي يدا ، ولأنت أعظم علي حقا من والدي ، فقل كلمة تجب لي بها الشفاعة يوم القيامة ، قل : لا إله إلا الله . ثم ذكر نحو حديث ابن عبد الأعلى ، عن محمد بن ثور .

وقال آخرون : بل نزلت في سبب أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك أنه أراد أن يستغفر لها ، فمنع من ذلك .

ذكر من قال ذلك :

17329 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا فضيل ، عن عطية قال : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس ، رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها ، حتى نزلت : [ ص: 512 ] " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " إلى قوله : " تبرأ منه " .

17330 - . . . . . قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا قيس ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى رسم - قال : وأكثر ظني أنه قال - : قبر فجلس إليه ، فجعل يخاطب ، ثم قام مستعبرا ، فقلت : يا رسول الله ، إنا رأينا ما صنعت . قال : إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي ، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي . فما رئي باكيا أكثر من يومئذ .

17331 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " ما كان للنبي والذين آمنوا " إلى : " أنهم أصحاب الجحيم " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يستغفر لأمه فنهاه الله عن ذلك ، فقال : وإن إبراهيم خليل الله قد استغفر لأبيه . فأنزل الله : وما كان استغفار إبراهيم " إلى " لأواه حليم " . [ ص: 513 ] وقال آخرون : بل نزلت من أجل أن قوما من أهل الإيمان كانوا يستغفرون لموتاهم من المشركين ، فنهوا عن ذلك .

ذكر من قال ذلك :

17332 - حدثني المثنى قال : حدثني عبد الله بن صالح قال : حدثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " الآية . فكانوا يستغفرون لهم ، حتى نزلت هذه الآية . فلما نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ، ولم ينههم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا ، ثم أنزل الله : وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " الآية .

17333 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " الآية . ذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا يا نبي الله : إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ، ويصل الأرحام ، ويفك العاني ، ويوفي بالذمم ، أفلا نستغفر لهم ؟ قال : فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : بلى . والله لأستغفرن لأبي ، كما استغفر إبراهيم لأبيه . قال : فأنزل الله : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " حتى بلغ : " الجحيم " . ثم عذر الله إبراهيم فقال : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه . قال : وذكر لنا أن نبي الله قال : أوحي إلي كلمات فدخلن في أذني ، ووقرن في قلبي : أمرت ألا أستغفر لمن مات مشركا ، ومن أعطى فضل ماله فهو خير له ، ومن أمسك فهو شر له ، ولا يلوم الله على كفاف " . [ ص: 514 ] واختلف أهل العربية في معنى قوله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " .

فقال بعض نحويي البصرة : معنى ذلك : ما كان لهم الاستغفار ، وكذلك معنى قوله : ( وما كان لنفس أن تؤمن ) وما كان لنفس الإيمان ( إلا بإذن الله ) [ يونس : 100 ] .

وقال بعض نحويي الكوفة : معناه : ما كان ينبغي لهم أن يستغفروا لهم . قال : وكذلك إذا جاءت " أن " مع " كان " فكلها بتأويل : ينبغي ، ( وما كان لنبي أن يغل ) [ آل عمران : 161 ] ما كان ينبغي له ، ليس هذا من أخلاقه . قال : فلذلك دخلت " أن " لتدل على الاستقبال ؛ لأن " ينبغي " تطلب الاستقبال .

وأما قوله : وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " فإن أهل العلم اختلفوا في السبب الذي أنزل فيه .

فقال بعضهم : أنزل من أجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا يستغفرون لموتاهم المشركين ظنا منهم أن إبراهيم خليل الرحمن قد فعل ذلك حين أنزل الله قوله خبرا عن إبراهيم : ( قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ) [ مريم : 47 ] .

وقد ذكرنا الرواية عن بعض من حضرنا ذكره ، وسنذكر عمن لم نذكره .

17334 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الخليل ، عن علي قال : سمعت رجلا يستغفر لوالديه وهما مشركان . فقلت : أيستغفر الرجل لوالديه وهما مشركان ؟ فقال : أولم يستغفر إبراهيم لأبيه ؟ قال : فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له . [ ص: 515 ] فأنزل الله : " وما كان استغفار إبراهيم " إلى " تبرأ منه " .

17335 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يحيى ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الخليل ، عن علي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستغفر لأبويه وهما مشركان ، حتى نزلت : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه " إلى قوله : " تبرأ منه " .

وقيل : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة " ومعناه : إلا من بعد موعدة ، كما يقال : " ما كان هذا الأمر إلا عن سبب كذا " بمعنى : من بعد ذلك السبب ، أو من أجله . فكذلك قوله : " إلا عن موعدة " من أجل موعدة وبعدها .

وقد تأول قوم قول الله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " الآية أن النهي من الله عن الاستغفار للمشركين بعد مماتهم لقوله : " من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وقالوا : ذلك لا يتبينه أحد إلا بأن يموت على كفره ، وأما وهو حي فلا سبيل إلى علم ذلك ، فللمؤمنين أن يستغفروا لهم . [ ص: 516 ] ذكر من قال ذلك :

17336 - حدثنا سليمان بن عمر الرقي ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان الثوري ، عن الشيباني ، عن سعيد بن جبير قال : مات رجل يهودي وله ابن مسلم ، فلم يخرج معه ، فذكر ذلك لابن عباس فقال : كان ينبغي له أن يمشي معه ويدفنه ، ويدعو له بالصلاح ما دام حيا ، فإذا مات وكله إلى شأنه . ثم قال : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ، لم يدع .

17337 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا فضيل ، عن ضرار بن مرة ، عن سعيد بن جبير قال : مات رجل نصراني ، فوكله ابنه إلى أهل دينه ، فأتيت ابن عباس فذكرت ذلك له . فقال : ما كان عليه لو مشى معه وأجنه واستغفر له ؟ ثم تلا " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " الآية .

وتأول آخرون " الاستغفار " في هذا الموضع بمعنى الصلاة .

ذكر من قال ذلك :

17338 - حدثني المثني قال : حدثني إسحاق قال : حدثنا كثير [ ص: 517 ] بن هشام ، عن جعفر بن برقان قال : حدثنا حبيب بن أبي مرزوق ، عن عطاء بن أبي رباح قال : ما كنت أدع الصلاة على أحد من أهل هذه القبلة ، ولو كانت حبشية حبلى من الزنا ؛ لأني لم أسمع الله يحجب الصلاة إلا عن المشركين يقول الله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " .

وتأوله آخرون بمعنى الاستغفار الذي هو دعاء .

ذكر من قال ذلك :

17339 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن عصمة بن زامل ، عن أبيه قال : سمعت أبا هريرة يقول : رحم الله رجلا استغفر لأبي هريرة ولأمه ، قلت : ولأبيه ؟ قال : لا إن أبي مات وهو مشرك .

قال أبو جعفر : وقد دللنا على أن معنى " الاستغفار " : مسألة العبد ربه غفر الذنوب . وإذ كان ذلك كذلك ، وكانت مسألة العبد ربه ذلك قد تكون في الصلاة وفي غير الصلاة ، لم يكن أحد القولين اللذين ذكرنا فاسدا ؛ لأن الله عم بالنهي عن الاستغفار للمشرك بعدما تبين له أنه من أصحاب الجحيم ، ولم يخصص عن ذلك حالا أباح فيها الاستغفار له . [ ص: 518 ] وأما قوله : " من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " فإن معناه : ما قد بينت من أنه من بعد ما يعلمون بموته كافرا أنه من أهل النار .

وقيل : " أصحاب الجحيم " لأنهم سكانها وأهلها الكائنون فيها ، كما يقال لسكان الدار : " هؤلاء أصحاب هذه الدار " بمعنى : سكانها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

17340 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم قال : تبين للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن أبا طالب حين مات أن التوبة قد انقطعت عنه .

17341 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : " تبين له " حين مات ، وعلم أن التوبة قد انقطعت عنه يعني في قوله : " من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " .

17342 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : حدثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك في قوله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " الآية . يقول : إذا ماتوا مشركين يقول الله : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ) الآية [ المائدة : 72 ] .

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " .

قال بعضهم : معناه : فلما تبين له بموته مشركا بالله تبرأ منه ، وترك الاستغفار له .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 519 ] 17343 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " .

17344 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات فلما مات تبين له أنه عدو لله .

17345 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لم يزل إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات ، فلما مات لم يستغفر له .

17346 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " يعني : استغفر له ما كان حيا ، فلما مات أمسك عن الاستغفار له .

17347 - حدثني مطر بن محمد الضبي قال : حدثنا أبو عاصم وأبو قتيبة مسلم بن قتيبة قالا : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد في قوله : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : لما مات .

17348 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد مثله .

17349 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " فلما تبين له أنه عدو لله " قال : موته وهو كافر .

17350 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثني أبي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد مثله . [ ص: 520 ] 17351 - . . . . . . قال : حدثنا ابن أبي غنية ، عن أبيه ، عن الحكم : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : حين مات ولم يؤمن .

17352 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن عمرو بن دينار : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " : موته وهو كافر .

17353 - . . . . . قال : حدثنا عمرو بن عون قال : حدثنا هشيم عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : لما مات .

17354 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " لما مات على شركه " تبرأ منه " .

17355 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه " كان إبراهيم - صلوات الله عليه - يرجو أن يؤمن أبوه ما دام حيا ، فلما مات على شركه تبرأ منه .

17356 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : موته وهو كافر .

17357 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : [ ص: 521 ] ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات ، فلما مات تبين له أنه عدو لله ، فلم يستغفر له .

17358 - . . . . . . قال : حدثنا أبو أحمد قال : أبو إسرائيل ، عن علي ابن بذيمة عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " فلما تبين له أنه عدو لله " قال : فلما مات .

وقال آخرون : معناه : فلما تبين له في الآخرة . وذلك أن أباه يتعلق به إذا أراد أن يجوز الصراط فيمر به عليه ، حتى إذا كاد أن يجاوزه ، حانت من إبراهيم التفاتة ، فإذا هو بأبيه في صورة قرد أو ضبع ، فيخلي عنه ويتبرأ منه حينئذ .

ذكر من قال ذلك :

17359 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا حفص بن غياث قال : حدثنا عبد الله بن سليمان قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : إن إبراهيم يقول يوم القيامة : " رب والدي ، رب والدي " . فإذا كان الثالثة ، أخذ بيده ، فيلتفت إليه وهو ضبعان ، فيتبرأ منه .

17360 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور عن عبيد بن عمير قال : إنكم مجموعون يوم القيامة في صعيد واحد ، يسمعكم الداعي ، وينفذكم البصر . قال : فتزفر جهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وقع [ ص: 522 ] لركبتيه ترعد فرائصه . قال : فحسبته يقول : نفسي نفسي ، ويضرب الصراط على جهنم كحد السيف دحض مزلة ، وفي جانبيه ملائكة معهم خطاطيف كشوك السعدان . قال : فيمضون كالبرق ، وكالريح ، وكالطير ، وكأجاويد الركاب ، وكأجاويد الرجال . والملائكة يقولون : " رب سلم سلم " فناج سالم ومخدوش ناج ، ومكدوس في النار . يقول إبراهيم لأبيه : إني كنت آمرك في الدنيا فتعصيني ، ولست تاركك اليوم ، فخذ بحقوي . فيأخذ بضبعيه ، فيمسخ ضبعا ، فإذا رأه قد مسخ تبرأ منه . [ ص: 523 ] قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول الله - وهو خبره عن إبراهيم - أنه لما تبين له أن أباه لله عدو تبرأ منه ، وذلك حال علمه ويقينه أنه لله عدو ، وهو به مشرك ، وهو حال موته على شركه .

التالي السابق


الخدمات العلمية