الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وقولوا انظرنا )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : ( وقولوا انظرنا ) ، وقولوا يا أيها المؤمنون لنبيكم صلى الله عليه وسلم : انظرنا وارقبنا ، نفهم ونتبين ما تقول لنا ، وتعلمنا ، كما :

1741 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقولوا انظرنا ) فهمنا ، بين لنا يا محمد .

1742 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقولوا انظرنا ) فهمنا ، بين لنا يا محمد .

1743 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد مثله .

يقال منه : "نظرت الرجل أنظره نظرة" بمعنى انتظرته ورقبته ، ومنه قول الحطيئة :

[ ص: 468 ] وقد نظرتكم أعشاء صادرة للخمس ، طال بها حوزي وتنساسي

ومنه قول الله عز وجل : ( يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم ) [ سورة الحديد : 13 ] ، يعني به : انتظرونا .

وقد قرئ : "أنظرنا" و"أنظرونا" بقطع "الألف" في الموضعين جميعا فمن قرأ ذلك كذلك أراد : أخرنا ، كما قال الله - جل ثناؤه : ( قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ) [ سورة ص : 79 ] ، أي أخرني . ولا وجه لقراءة ذلك كذلك في هذا الموضع؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أمروا بالدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والاستماع منه ، وإلطاف الخطاب له ، وخفض الجناح - لا بالتأخر عنه ، ولا بمسألته تأخيرهم عنه . فالصواب - إذ كان ذلك كذلك - من القراءة قراءة من وصل الألف من قوله : ( انظرنا ) ، ولم يقطعها بمعنى : انتظرنا .

وقد قيل : إن معنى ( أنظرنا ) بقطع الألف بمعنى : أمهلنا . حكي عن بعض [ ص: 469 ] العرب سماعا : "أنظرني أكلمك" ، وذكر سامع ذلك من بعضهم أنه استثبته في معناه ، فأخبره أنه أراد أمهلني ، فإن يكن ذلك صحيحا عنهم "فانظرنا" و"أنظرنا" - بقطع "الألف" ووصلها - متقاربا المعنى غير أن الأمر وإن كان كذلك ، فإن القراءة التي لا أستجيز غيرها ، قراءة من قرأ : ( وقولوا انظرنا ) ، بوصل "الألف" بمعنى : انتظرنا ، لإجماع الحجة على تصويبها ، ورفضهم غيرها من القراءات .

التالي السابق


الخدمات العلمية