الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا ( 25 ) )

يقول - تعالى ذكره - ( ورد الله الذين كفروا ) به وبرسوله من قريش وغطفان ( بغيظهم ) يقول : بكربهم وغمهم ، بفوتهم ما أملوا من الظفر ، وخيبتهم مما كانوا طمعوا فيه من الغلبة ( لم ينالوا خيرا ) يقول : لم يصيبوا من المسلمين مالا ولا إسارا ( وكفى الله المؤمنين القتال ) بجنود من الملائكة والريح التي بعثها عليهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ) الأحزاب .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ) وذلك يوم أبي سفيان والأحزاب ، رد الله أبا سفيان وأصحابه بغيظهم لم ينالوا خيرا ( وكفى الله المؤمنين القتال ) بالجنود من عنده ، والريح التي بعث عليهم .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : ثني يزيد بن رومان ( ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ) : أي : قريش وغطفان .

حدثني الحسين بن علي الصدائي قال : ثنا شبابة قال : ثنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، قال : حبسنا يوم الخندق عن الصلاة ، فلم نصل الظهر ، ولا العصر ، ولا المغرب ، ولا العشاء ، حتى كان بعد العشاء بهوي كفينا ، وأنزل الله ( وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا ) فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا فأقام الصلاة ، وصلى الظهر ، فأحسن صلاتها ، كما كان يصليها في وقتها ، ثم صلى العصر كذلك ، ثم صلى المغرب [ ص: 243 ] كذلك ، ثم صلى العشاء كذلك ، جعل لكل صلاة إقامة ، وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف ( فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) .

حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : ثنا ابن أبي فديك قال : ثنا ابن أبي ذئب ، عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبي سعيد الخدري قال : حبسنا يوم الخندق ، فذكر نحوه .

وقوله : ( وكان الله قويا عزيزا ) يقول : وكان الله قويا على فعل ما يشاء فعله بخلقه ، فينصر من شاء منهم على من شاء أن يخذله ، لا يغلبه غالب ؛ ( عزيزا ) : يقول : هو شديد انتقامه ممن انتقم منه من أعدائه .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وكان الله قويا عزيزا ) : قويا في أمره ، عزيزا في نقمته .

التالي السابق


الخدمات العلمية