الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 212 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( فأما من طغى ( 37 ) وآثر الحياة الدنيا ( 38 ) فإن الجحيم هي المأوى ( 39 ) وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ( 40 ) فإن الجنة هي المأوى ( 41 ) ) .

يقول تعالى ذكره : فأما من عتا على ربه ، وعصاه واستكبر عن عبادته .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( طغى ) قال : عصى .

قوله : ( وآثر الحياة الدنيا ) يقول : وآثر متاع الحياة الدنيا على كرامة الآخرة ، وما أعد الله فيها لأوليائه ، فعمل للدنيا ، وسعى لها ، وترك العمل للآخرة ( فإن الجحيم هي المأوى ) يقول : فإن نار الله التي اسمها الجحيم ، هي منزله ومأواه ، ومصيره الذي يصير إليه يوم القيامة .

وقوله : ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ) يقول : وأما من خاف مسألة الله إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه ، فاتقاه بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه ، ( ونهى النفس عن الهوى ) يقول : ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه الله ، ولا يرضاه منها ، فزجرها عن ذلك ، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه ( فإن الجنة هي المأوى ) يقول : فإن الجنة هي مأواه ومنزله يوم القيامة .

وقد ذكرنا أقوال أهل التأويل في معنى قوله : ( ولمن خاف مقام ربه ) فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية